في ظل أيامٍ حاسمةٍ يفصلها أقل من أسبوع عن نهائي دوري أبطال أوروبا، يعيش سيموني إنزاجي مدرب إنتر ميلان حالةً من “التوهان التكتيكي”، إذ تتضارب الأنباء بين رغبته في معانقة المجد القاري والتحدّي الأكبر في مسيرته، وبين إغراء مالي لا يُقاوم يحمل اسم الهلال السعودي، الباحث عن معجزةٍ فنيةٍ قبل خوض مونديال الأندية ومواجهة ريال مدريد.
سباقٌ مع الزمن لإنهاء علامات الاستفهام
ينتظر إنتر ميلان يوم 1 يونيو موعدًا يكشف مصير الموسم بأكمله، حيث يحلّ ضيفًا على باريس سان جيرمان في نهائي دوري الأبطال، بعد غياب 13 عامًا عن منصة التتويج. يأتي هذا النهائي بعد موسمٍ صادمٍ شهد تعثّر الفريق في الدوري الإيطالي حتى الجولة الأخيرة، إضافةً إلى خروجه المفاجئ من كأس إيطاليا أمام جاره ميلان. ورغم ذلك، بدا أن إنزاجي قادرٌ على تحويل “أوهام الثلاثية” إلى واقعٍ تاريخي، فتصدّر الفريق دوري الدرجة الأولى ومضى في دوري الأبطال حتى هذه اللحظة.
لكن نجاحه في تحويل إنتر إلى منافسٍ صاروخيٍّ رغم تقشفٍ ماليٍّ نسبيٍّ في سوق الانتقالات، لا يشفع أمام إغراءٍ خارجيٍّ قد يقلب المواسم المقبلة رأسًا على عقب.
الهلال يفتح خزائنه… هل يعيد سيناريو مورينيو 2010؟
تمامًا كما دخل جوزيه مورينيو مدرب خماسية الألقاب التاريخية عام 2010 في مفاوضات مع ريال مدريد قبل نهائي دوري الأبطال حينها، تلوح الآن في الأفق عروضٌ خليجيةٌ براقّة تحاكي “يوتوبيا الكؤوس” قبل نصف ساعة من صافرة موقعة النيرازوري.
بحسب مصادر “كوريري ديللو سبورت” الإيطالية، يدرس الهلال عقدًا يمتد لثلاث سنوات مع إنزاجي، يضمن له راتبًا أسبوعيًا يُقدّر بنحو مليونَي يورو، إلى جانب ميزانيةٍ مفتوحةٍ لانتداب نجومٍ بحجم فيكتور أوسيمين وبرونو فرنانديش وغيرهما. وإذا نجحت الصفقة، فسيكون المدرب الإيطالي أمام أكبر اختبارٍ في مسيرته: بناء مشروعٍ فنيٍ طموحٍ تعتمد عمره الأقصى على الألقاب الفورية، فضلاً عن منحه فرصة قيادة منافسةٍ آسيويةٍ وعالميةٍ في مونديال الأندية.
معادلة “الاستقرار أم المغامرة”
يُدرك إنزاجي جيدًا أن قصة الهلال الجديدة تختلف عن تجربة مورينيو مع النادي الملكي عام 2010؛ فالأمر اليوم لا يُقاس بمجرد إدارة نهائيين، بل بإدارة مشروعٍ يعتمد على لاعبين جاهزين للتضحية في أجواء صيفيةٍ حارّةٍ والضغط الإعلامي المرافق.
• في إنتر ميلان: يمتلك إنزاجي تاريخًا من الإنجازات المحلية والدولية المؤجلة، بعد أن قاد النادي لإحراز كأس السوبر الإيطالي مرتين عامي 2022 و2023، وبفاتح الأذرع منصة دوري الأبطال. كما يحرص على بناء فريقٍ شبابيٍ يتجاوز محدودية الميزانية، ما يعكس ولاءه الكبير للميلانيسّي ولثقافة النادي.
• في الهلال: ستقوده إدارة “الأزرق” إلى خط ملتهبٍ يبدأ بمونديال الأندية ضد ريال مدريد، مرورًا بالدوري السعودي، قبل أن تتسلّم الألقاب تباعًا. الحلول السحرية تكمن في الأموال الضخمة، لكن الضغط الجماهيري السعودي “الشغوف” لا يقل عن ضغوط “سان سيرو” أو “بارك دي برينس”.
سيناريوهات المحتملين
1. بقاء إنزاجي: يراهن على التتويج بدوري الأبطال ليرسم اسمه بحروفٍ من ذهب في تاريخ إنتر، ويثبت أن ولاءه للميلانيسّي يتجاوز أي إغراء مالي.
2. رحيل إلى الهلال: يستجيب لخيار التغيير الجذري، ويخوض مغامرةً جديدةً على أرضٍ صارت مقصد النجوم البارزين في نهاية مسيرتهم الأوروبية.
3. تمديد التفاوض: قد يؤجّل قراره حتى نهاية الشهر، مستفيدًا من المكاسب التفاوضية بعد النهائي، ويختار العرض الأفضل من حيث المنصة الرياضية والعودة المحتملة لاحقًا إلى أوروبا.
ماذا بعد 1 يونيو؟
سيترقّب عشّاق الكرة حول العالم إعلانًا قد يطيح بأولى آمال إنتر ميلان في عهد إنزاجي، أو يعلن عن ولادة مشروعٍ سعوديٍّ يأمل في إحداث “ثورة كروية” في القارة الآسيوية. وفي كلتا الحالتين، سيبقى التاريخ شاهدًا على أن كرة القدم اليوم باتت لعبة موازين دقيقة بين العاطفة والمال، وأن قرارات المدربين لم تعد تقتصر على الخطط التكتيكية داخل المستطيل الأخضر فحسب، بل تشمل حساباتٍ اقتصاديةٍ وجماهيريةٍ وإعلامية.
انتظار الأيام القليلة القادمة سيمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة سيموني إنزاجي على الموازنة بين “حلمه الأوروبي” و”وعد الهلالي”، ورسالةً قوية للأندية بأن ولاء المدرب الذي صنع المعجزات في إيطاليا لا يُشترى بسهولةٍ، مهما بلغت قيمة العرض ومهما تغنى الإعلام بموجةٍ آسيويةٍ جديدةٍ لا تتكرّر كل يوم.
