أثبت النجم الفرنسي أوريلين تشواميني نفسه كأحد أهم الأعمدة الدفاعية في صفوف ريال مدريد هذا الموسم، بعد احتلاله صدارة قائمة أفضل لاعبي الدوري الإسباني في الالتحامات الهوائية. ووفق تقرير نشرته صحيفة «ماركا» الإسبانية، واجه لاعب خط الوسط 93 مواجهة جوية مع الخصوم، وتمكّن من حسم 69 منها لصالح فريقه، محققًا نسبة نجاح بلغت 74.2%، وهو أعلى معدل بين كل من خاض 75 مواجهة جوية فما أكثر في البطولة.
إحصاءات تكشف عمق التأثير
في قلب ملعب «ألفريدو دي ستيفانو» أو «سانتياغو برنابيو»، خرج تشواميني كمدافعٍ خفيٍّ يشكل حاجزًا أمام أي محاولات استلام من المنافسين في الهواء. وبالإضافة إلى الرقم القياسي في الالتحامات الهوائية، يسجّل الفرنسي معدّلات مميزة في قطع الكرات (2.3 في المباراة)، والاعتراضات (3.1)، والتمريرات الاسترجاعية (1.4)، ما يجعله محورًا أساسيًا في بناء اللعب من الخلف والانطلاق بالهجمات المرتدة.
فلسفة اللعب البدني وتوقيت التواجد
يُعزى تألق تشواميني في الأجواء الهوائية إلى مزيج من البنية الجسمانية القوية والتوقيت المثالي للقفز، فضلًا عن قراءة مسار الكرة قبل انطلاقها. وقد أكّد كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد، في تصريحاتٍ صحفية أن «تشواميني يجيد استشراف تحركات المهاجمين، ويظهر تماسكًا نفسيًا وجسديًا يجعله الخيار الأول في الكرات الثابتة والدفاعية».
مدى الإسهام في الأهداف الثابتة
لم تعد مهارة التسلّق الهوائي حكراً على قلب الدفاع فقط، بل بات اللاعب الفرنسي يشارك بفاعلية في هجومات ريال مدريد الثابتة. فقد سجّل تشواميني هذا الموسم هدفًا من ركلة ركنية في شباك أتلتيك بيلباو، وصنع فرصةً واضحة عبر رأسه في مواجهته ضد ريال مايوركا، ما يفسح المجال أمام تجاوز دفاعات الخصم عبر توظيف قوته في الثلث الهجومي.
مقارنة مع نجوم خط الوسط الأوروبيين
عند مقارنة أرقام تشواميني بنظرائه في الدوريات الخمس الكبرى، يتفوق على نجومٍ أمثال كاي هافيرتس في البوندسليغا والتشيكي باستا في الدوري الفرنسي، الذين سجلوا نسب نجاح لا تتجاوز 68% و70% على التوالي في مواجهاتهم الهوائية. ويُظهر هذا التفوّق قدرة ريال مدريد على اكتساب لاعبين يلبّون متطلّبات الحداثة التكتيكية التي تجمع بين العنصر البدني والفهم المكاني.
دور الالتحامات في استراتيجية الفريق
يعتمد النادي الملكي على انتزاع الكرة بأسرع شكل ممكن للانطلاق بهجماتٍ سريعة تُربك دفاعات الخصم. وفي هذا الجانب، يمثل تفوّق تشواميني في الأجواء الهوائية نصف معركة؛ فهو يضمن استعادة الكرات الطويلة أو العرضيات الزاحفة، ثم يمررها إلى فرينكي دي يونج أو فيدي فالفيردي، للانطلاق بالهجمة المرتدة. ويتيح هذا الأسلوب تقليل الضغط الواقع على الخطوط الخلفية، كما يخفف الضغط البدني عن قلب الدفاع، خصوصًا في المباريات التي تتطلب مواجهة مهاجمين ذو قوة هوائية جيدة.
أصداء في الإعلام والجماهير
علّقت صحيفة «آس» الإسبانية على أرقام الفرنسي بالقول إن «تشواميني بات يفرض معايير جديدة للوسط الدفاعي في الليغا»، فيما أشاد عدد من المحللين بأدائه عبر منصات التواصل، معتبرين أنه «يضيف بعدًا تكتيكيًا يرفع سقف توقعات الأداء البدني للفريق». كما عبّر جمهور ريال مدريد عبر «تويتر» عن فخره بوجود لاعب يجمع بين الذكاء التكتيكي والصلابة الجسدية، داعين الإدارة إلى تثبيته في وسط الملعب لسنوات مقبلة.
من أرقام الليغا إلى ألقاب قارية
لا يقتصر تأثير مهاراته على الدوري المحلي فحسب، بل امتد إلى دوري أبطال أوروبا، حيث لعب دورًا حاسمًا في فوز الريال على بايرن ميونيخ بتقدّم كرته المرتدة في منتصف الملعب قبل تمرير الحاسمة. ويُعتبر هذا الموسم أحد أبرز مواسمه على الإطلاق، إذ بات يُقارن مع مواسم توني كروس وفابيو كانافارو في استخدام الجبهة الهوائية كأداة دفاعية وهجومية في آنٍ واحد.
آفاق المستقبل وتحديات جديدة
مع اقتراب نهاية الموسم، يظل التحدّي الأكبر أمام تشواميني هو الحفاظ على هذا المستوى العالي في المباريات الحاسمة، سواء أمام أندية الليغا الكبرى أو في الدورات الأوروبية. وتبدو فرصة تتويج ريال مدريد بلقب الليغا أكثر قربًا بفضل اتكاله على لاعبٍ يفرض هيبته في السماء كما على الأرض، فيما يستعد الفريق لمعركة نهائيات كأس ملك إسبانيا وانتظار القرعة لمعرفة منافسه الأوروبي المقبل.
ختامًا، يثبت الفرنسي أوريلين تشواميني أن دوره يتجاوز مجرد لاعب محورٍ هادئ؛ فهو عنصر متكامل في خطط أنشيلوتي، يضمن استعادة الكرات وخلق التوازن بين الدفاع والهجوم عبر تفوّقه الفريد في الالتحامات الهوائية، مما يجعله أحد أبرز أسباب صدارة ريال مدريد لجدول الترتيب ومنافساته القارية.
