أثار انتشار صورة للاعب الدفاع الألماني أنطونيو روديجر تجمعه بفيرناندو هييرو المدير الرياضي لنادي النصر السعودي والوسيط فران بورّاس ضجة جديدة في صفوف جمهور ريال مدريد المتعطش لمعرفة مصير أحد أبرز عناصره الدفاعية. بدا المشهد كما لو أنه مقدمة لصفقة انتقال مرتقبة إلى أندية الخليج، لكن الصحافة الإسبانية سلطت الضوء على حقيقة الاجتماع وأوضحت أن اللقاء لم يتخط كونه عشاءً ودياً جمع أصدقاء وشخصيات رياضية دون أدنى علاقة بمفاوضات جادة. هذا الأمر أعاد روديجر إلى دائرة الضوء مجدداً وأثار أسئلة حول مدى استمراره في صفوف النادي الملكي، فما هي تفاصيل القصة وما حقيقة نية المدافع الألماني في ترك الميرينغي؟ سنوضح في هذا المقال أهم المحطات المتعلقة بموقف روديجر من الرحيل عن ريال مدريد وما أُشيع حوله خلال الأيام الماضية.
خلفية انتقال روديجر إلى ريال مدريد
وصل أنطونيو روديجر إلى ريال مدريد بداية صيف عام 2022 قادماً من تشيلسي الإنجليزي بعقد يمتد حتى 30 يونيو 2026. قبل الانتقال إلى سانتياغو برنابيو، تألق روديجر بقوة في قلب دفاع تشيلسي سواء مع المدرب الألماني توماس توخيل أو تحت قيادة مدربين آخرين، وظفر معه بألقاب مهمة مثل دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الاتحاد الأوروبي. تلك الخبرات المتراكمة جعلته هدفاً رئيسياً لمدرب ريال مدريد آنذاك وسعى النادي للتعاقد معه لتدعيم مركز الدفاع بيلتجأ إلى العناصر القوية جسدياً وتكتيكياً. منذ لحظة وصوله إلى العاصمة الإسبانية، أثبت روديجر أنه إضافة نوعية، فقد شكل ثنائياً دفاعياً متجانساً مع زين الدين زيدان أولاً ثم مع تشابي ألونسو لاحقاً، وشارك في البطولات المحلية والأوروبية بشكل أساسي قبل تعرضه للعديد من الإصابات التي كادت تفقده بعض الدقائق المهمة.
انتشار الشائعات وحقيقة الصورة
نشرت صحيفة ماركا الإسبانية صورة تناول فيها روديجر عشاءً غير رسمي مع المدير الرياضي لفريق النصر السعودي فرناندو هييرو والوسيط فران بورّاس اللذان جلسا حول طاولة تضم عدداً من وكلاء اللاعبين. تداولت مواقع التواصل الاجتماعي بخبرة الصورة واعتبرها البعض دليلاً على احتمال انتقال المدافع الألماني إلى الدوري السعودي عبر بوابة صفقة قد يعلن عنها النادي النصراوي في سوق انتقالات الصيف. هذه الصورة سرعان ما صعدت وتيرة التكهنات في الأوساط المدريدية، إذ تزامنت مع رغبة أندية السعودية في جذب لاعبين أصحاب باع طويل في أوروبا من أجل رفع مستوى المنافسة في الدوري المحلي. وتعددت الأصوات التي أكدت وجود مفاوضات سرية بين روديجر والنصر، بينما سارع البعض الآخر إلى ربط الأمر بحملات ترويجية مستقبلية للتعاون بين الناديين في صفقات قادمة.
نفي المصدر المقرب والتزام روديجر بعقده
أوضحت صحيفة ماركا الإسبانية نقلاً عن مصادر مقربة من المدافع أن اللقاء كان اجتماعاً اجتماعياً بريئاً ولا علاقة له بصفقات انتقال أو مفاوضات رسمية. وشددت نفس المصادر على أن روديجر لا يفكّر في مغادرة ريال مدريد هذا الصيف، وأن جميع الأنباء بشأن مداولات تجارية معه عارية تماماً عن الصحة، ففي حال وجود عروض حقيقية فمن المستحيل أن يعلن عنها المسؤولون بهذه السرعة دون المرور بالإجراءات القانونية مع ناديه. وأضافت المصادر أن بطل أوروبا مع تشيلسي عام 2021 يركز في الوقت الراهن على التعافي بشكل كامل من الإصابة التي أبعدته عن الملاعب مؤخرًا، ويحرص على تجهيز نفسه بدنيًا بشكل جيد للمشاركة الفاعلة في المباريات المقبلة مع النادي الملكي. وبناءً على ذلك، فإن الارتباط بعقد ممتد حتى نهاية موسم 2025/2026 يمنحه ثقلاً كبيراً لاستمرار تواجده مع الفريق وعدم التفكير في تغيير الوجهة مبكرًا.
روديجر يساند تشابي ألونسو ويترقب عودة قوية
يركز المدافع الألماني حالياً على مراحل التأهيل البدني التي يمر بها في أحد مراكز التعافي الخاصة بلاعبي ريال مدريد، بهدف استعادة كامل اللياقة المطلوبة. ويعول عليه المدرب تشابي ألونسو بشكل كبير لتغطية مركز الظهير الأيمن أو قلب الدفاع في المباريات الصعبة، إذ يتمتّع بإمكانيات بدنية زائدة وصلابة تكتيكية قلّما يجدهما المدرب في لاعب آخر. الهدف الأبرز أمام روديجر هو المشاركة في بطولة كأس العالم للأندية المقبلة التي يسعى ريال مدريد للفوز بها مجددًا، إضافةً إلى انطلاقة الدوري الإسباني التي ستكون نقطة البداية لاستعادة الألقاب المحلية. في حال استعاد المدافع الألماني عافيته بوقتٍ مبكر، فمن المتوقع أن يعود للدكة الأساسية سريعاً مستفيداً من غيابات بسيطة قد يعاني منها الفريق في خط الدفاع نتيجة جدولة المباريات الموسمية.
دين هويسن ليس بديلاً مضموناً
على الرغم من وصول الوافد الجديد الدين هويسن إلى تشكيلة ريال مدريد خلال فترة الانتقالات الأخيرة، فلا تزال إدارة النادي ترى في روديجر الخيار الدفاعي الأول خاصةً في المباريات الكبرى ودون المساس بخبرته الطويلة التي تعطي ثقة للمجموعة بأكملها. ظهر دين هويسن بمستويات جيدة خلال المواجهات الودية، لكنه لا يملك بعد الخبرة اللازمة للاضطلاع بدور أساسي في البطولات الحاسمة التي تنتظر الملكي. لذلك يظل المدافع الألماني العنصر الذي يُعمَل به أولاً عند الحاجة إلى إغلاق المساحات أمام المهاجمين المنافسين. هذه الثقة التي منحها له ألونسو تشير إلى أن مسألة رحيل روديجر حالياً أمر مستبعد تمامًا ما لم يستجد شيء في السوق لا يمكن تفاديه.
حدود العروض السعودية وأثرها على اللاعبين الأوروبيين
شهدت الأسابيع الماضية تحركات مكثفة من أندية سعودية لاستقطاب لاعبين عالميين عبر تقديم رواتب وعقود مغرية مع مكافآت ضخمة، وهو ما دعى أندية أوروبا لوضع شروط تعسفية في مفاوضاتها مع الأندية الخليجية. ومع انتقال أسماء كبيرة بقيمة ضخمة، مثل كريستيانو رونالدو وجونزالو هيجوايين، تكررت الشائعات حول رغبة الدوري السعودي في تعزيز شعبيته على الساحة العالمية عن طريق استقطاب عناصر قادرة على السطوع إعلامياً. لكن روديجر يبدو بعيدًا عن تلك الرغبة في المغادرة، فهو يملك مقومات البقاء في نادٍ ينافس على الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا دوريًا ويمنحه فرصة رسمية للقتال على الألقاب الكبرى. هذا الوضع جعل روديجر يتمسك بعقده الحالي ويتجاهل الاهتمام الإعلامي الذي رافق صورته مع مسؤولي النصر.
خلاصة متوقعة لمستقبل روديجر
من المؤكد حتى الآن أن المدافع الألماني يرفض أي عروض خارجية في سوق الانتقالات الصيفية الجارية ويعتبر نفسه مرتبطاً تماماً بعقده الممتد لعام 2026. الصورة المتداولة مع مسؤولي النصر لم تكن سوى مناسبة اجتماعية عابرة، لا تحمل أي دلالة تجارية أو تفاوضية حقيقية بشأن مستقبله الكروي. أمام روديجر فرصة ذهبية لتحقيق مزيد من الألقاب مع ريال مدريد سواء على صعيد الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية، وهذا ما يجعله يضع خططه بعيدًا عن الصفقات التي تلوح في الأفق من الدوري السعودي. الأكيد أن الجماهير المدريدية طالما تعلقت به كأحد الأعمدة الدفاعية التي تُلجأ إليها في المباريات الحاسمة، لذلك سيبقى روديجر في كتيبة البلانكوس باحثًا عن الأفضل له وللقلعة البيضاء حتى نهاية العقد الحالي وربما تمديده مستقبلاً في حال توافرت الرغبة المشتركة.
