خلفيات الأزمة
في وقتٍ يحاول فيه برشلونة تجاوز صدمة الخروج من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان، تصدّر الفرنسي جول كوندي عناوين الصحف مجدداً بعدما انتشرت عبر “راديو كتالونيا” تصريحات نُسبت إليه تنتقد زميله روبرت ليفاندوفسكي. سارع اللاعب المدافع إلى نفي هذه الأقوال المزعومة، محمّلاً وسائل الإعلام مسؤولية اختلاق الأخبار دون التحقق من صحتها، ومؤكداً أنه يظلُّ مسانداً لكتيبة “البلوغرانا” ويترقب مواجهة الكلاسيكو المقبل أمام ريال مدريد.
تصريحات مزعومة وأزمة داخل الفريق
أثار خروج برشلونة بأقوى هجومٍ في أوروبا هذا الموسم (سجّل 29 هدفاً في ثماني مواجهات بنظام الذهاب والإياب) انتقاداتٍ حادة لقرارات المدرب هانسي فليك، لا سيما الاعتماد المتكرر على ليفاندوفسكي حتى مع تراجع مستواه اللياقي بعد غياب طويل للإصابة. وفي منتصف هذا الجدل، تناقلت الإذاعة الكتالونية مقطعاً يُفترض بأن كوندي عبّر فيه عن استغرابه من مشاركة البولندي قائلاً:
“لا أعلم لماذا يشارك بهذا المستوى. لا ينبغي زجُّه في الملعب وهو بعيدٌ عن جاهزيته”.
وهذه العبارة التي نُسبت لمدافع “الروخيبلانكوس” غذّت نار الشائعات ووُصِفت بأنها “تجريحٌ داخلي” في فريقٍ يُعاني من أزمة ثقة بعد الإقصاء المفاجئ (خسارة 4-3 في إياب “سان سيرو” و7-6 في مجموع المباراتين).
التوضيح الرسمي لكوندي
على الفور، خرج كوندي بتصريحٍ عبر حسابه الرسمي على منصة “X” (تويتر سابقاً) لنفي الادعاءات واصفاً نشرها بـ"الأخبار المفبركة":
“صنع القصص ونشر الأكاذيب أمرٌ سهل، لكنّ ذلك ليس صحافة. وليس صحافة أيضاً ترويج معلومات قبل التأكد من مصدرها. شاركوا هذه التغريدة إذا أردتم إعادة الحقيقة إلى نصابها”.
وأضاف في رسالة موجهة لجماهير “كامب نو”:
“أنا معجبٌ بروح الفريق وتضحيات زملائي، وسأتابع دعمي لهم حتى النهاية. ما حدث في سان سيرو مؤلم، ووقتنا الآن للإعداد للكلاسيكو وللاشتباك الحقيقي على لقب الليغا”.
ردود الأفعال في كتالونيا

ساهم نفي كوندي في تهدئة الأجواء جزئياً بين جماهير الفريق التي انقسمت في بادئ الأمر بين متعاطفٍ مع المدافع ورافضٍ لأي تشويهٍ لعلاقات اللاعبين. وركزت بعض الصحف المحلية، مثل “سبورت” و”موندو ديبورتيفو”، على انتقاد ما سمّته بـ"التسرع الإعلامي" في تبنّي تصريحاتٍ مجهولة المصدر، مؤكدةً أن الكونتيننتال ستازيوم (الإدارة الرياضية) بحثت الأمر مع جهاز فليك الفني قبل صدور ردٍّ رسمي من اللاعب.
أبعاد فنية لما جرى
لا يمكن تجاهل أن كوندي غاب عن مواجهة إياب نصف النهائي بسبب إصابة في عضلة الفخذ الخلفية اليسرى، لكنه حرص على السفر مع بعثة الفريق إلى ميلانو على متن طائرةٍ خاصة ليكون حاضراً مع زملائه. وأشار تقرير فني في صحيفة “آس” أن غيابه أربك خط دفاع الفريق، حيث افتقد البرسا للتماسك والانسجام أمام تحركات فرانشيسكو أتشيربي ودنزل دومفريس، ما أدى إلى قبول أربعة أهداف رغم التفوق الهجومي قبلاً.
ترقب الكلاسيكو وتجديد الثقة
ينتظر برشلونة مواجهة الكلاسيكو ضد غريمه ريال مدريد يوم الأحد المقبل على ملعب “لويس كومبانيس” في الجولة الخامسة والثلاثين من الدوري الإسباني، وهي المباراة التي تحمل أبعاداً مصيرية في سباق اللقب بين المتصدر برصيد 79 نقطة والوصيف برصيد 72 نقطة. ويعلم “البلوغرانا” أن أي تعثرٍ قد يقلّص الفارق إلى نقطتين فقط مع تبقي ثلاث مراحل، لذا يتوقع أن يشدد فليك اعتماده على قاعة المؤتمرات الإعلامية المحدودة ويجعل جول كوندي والمتبقيين من اللاعبين يركزون على الإعداد الفني والذهني بعيداً عن ضجيج وسائل التواصل.
خطة فليك للثأر

أكد المدرب الألماني أنه يعتمد على العناصر الأساسية مثل جافي، بيدري وأراوخو، إضافة إلى ليفاندوفسكي وسيرجي روبيرتو لتعويض ارتدادات خروج التشامبيونز، وصرّح في المؤتمر الصحفي الخاص بالمباراة:
“علينا تحويل رياح الإحباط إلى دافعٍ أقوى. الكلاسيكو مباراةٌ خاصةٌ، واللاعبون يفهمون مسؤوليتهم تجاه الجماهير. الخطأ ممنوعٌ، والتركيز مطلوبٌ من الدقيقة الأولى حتى صافرة النهاية”.
كما أوضح أن تصفية حسابات الشائعات داخلياً لا تكون عبر التصريحات الفردية، بل عبر الأداء الجماعي والنتيجة الإيجابية.
انعكاسات متوقعة على ازدهار الفريق
يرى المحللون أن قدرة برشلونة على تجاوز أزمة ثقة مثل التي أعقبت خروج دوري الأبطال تتحدد بسرعة العودة للانتصارات الجماعية. وتشير بيانات Opta إلى أن الفريق حقق 82% فوزاً في مبارياته كمتصدرٍ قبل الكلاسيكو هذا الموسم، ويعتمد على خط وسطٍ يسيطر بنسبة 58% على الاستحواذ. ويبقى اختبار حقيقي مدى قدرة “البلوغرانا” على تفعيل هذه الأرقام أمام ريال مدريد الذي لا يقبل القسمة على اثنين في “معركة العاصمة”.
خاتمة مفتوحة للتحدي
في خاتمة اليوم، أثبت جول كوندي أن إدارة الأزمات الإعلامية جزء لا يتجزأ من مهمة لاعب كرة القدم في الألفية الثالثة، فبعد أن نفى مزاعم الإساءة للزميل البولندي، وجّه الأنظار نحو ما هو أهم: الاستعداد لملاقاة الغريم التقليدي في مباراةٍ قد تُحسم اسم بطل إسبانيا هذا الموسم. يبقى أن نترقب كيف سيترجم الفريق بأكمله، من أبرز نجومه إلى المدرب الصحفي الذي اختار حصر التصريحات بنفسه، درسَ “التركيز الداخلي” قبل الكلاسيكو، وما إذا كان هذا النهج سينتهي بحصادٍ أكبر من نقطتين فقط.