في تحركٍ استثنائي يستبق انطلاق كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الشهر المقبل، شرعت إدارة ريال مدريد في حسم وضعية الثنائي المخضرم لوكاس فاسكيز ولوكا مودريتش عبر تجديد عقديهما لفترة مؤقتة، تكفي لتغطية مشاركة الميرينغي في البطولة العالمية بين 15 يونيو و13 يوليو 2025. وتأتي هذه الخطوة في سياق حرص النادي على الحفاظ على تماسك خبرة الثنائي وإسنادهما دورًا فنيًا ونفسيًا بالغ الأهمية، خصوصًا في مسعى الفريق لاستعادة اللقب القاري الغائب منذ أعوام.
خطوة تكتيكية وتنظيمية
كشف تقرير نشرته صحيفة "آس" الإسبانية أن إدارة الريال اتفقت مع وكلاء اللاعبين على تجديد عقد فاسكيز ومودريتش لمدة أسبوعين فقط، تنتهي في الـ13 من يوليو المقبل. ويعني ذلك أن الثنائي سيواصلان التواجد في أول تشكيلات النادي في المنافسة الآسيوية–الأمريكية، قبل أن يعودا بعدها إلى صفوف اللاعبين الأحرار، في حال لم يصادق النادي على التمديد لموسمٍ كامل.
هذا القرار لا يقتصر على الجانب المالي، بل يعكس رغبة فنية تتمثل في الاحتفاظ بروح الانضباط والالتزام التي يجسّدها المخضرمان داخل غرف خلع الملابس. ويسعى الجهاز الفني بقيادة كارلو أنشيلوتي إلى الاستفادة من خبرة مودريتش في إدارة إيقاع المباريات الحاسمة، وكذلك قدرة فاسكيز على تغطية الجناح الأيمن والدفاع عن المساحات ضد الهجمات المرتدة.
دوافع الإدارة الفنية
يواجه ريال مدريد هذه الأيام تقاطع تحديات بين طموحات الحفاظ على اللقب في الليغا والسعي لاستعادة الهيبة في كأس العالم للأندية، حيث سيمثل بطل أوروبا مشاركًا عن القارة العجوز. وفي ظل ضيق القائمة طوال الموسم وضغط المباريات، بدا واضحًا أن غياب أي من الثنائي لأسباب تعاقدية سيؤثر على تماسك التشكيلة القديمة–الجديدة التي تجمع بين خبراء أمثال سيرجيو راموس سابقًا ووجوه شابة كفيدي فالفيردي ورودريغو جوس.
وقد ألمح أنشيلوتي في مؤتمره الصحفي الأخير إلى أهمية وجود لاعبين يعكسون فلسفة النادي وأصوله، لا سيما خلال المباريات التي تحظى بمتابعة جماهيرية وإعلامية عالمية. وأضاف أن استمرار الثنائي على الأقل حتى نهاية البطولة سيعزز من ديمومة الأداء ويقلل من البلبلة التنظيمية.
السيناريوهات المستقبلية
على الرغم من حرص الإدارة على بقاء مودريتش لعام إضافي، فإن الأزمة الأكبر تواجهها في تجديد عقد فاسكيز، الذي انتهى عقده بنهاية الموسم الجاري. وتشير "آس" إلى أن النادي يرغب في ضخ دماء جديدة في مركز الظهير الأيمن أو الجناح، لا سيما مع اقتراب توقيع صفقة انتقال ترينت ألكساندر-أرنولد المنتظر في الصيف. ويبدأ الحديث حول بدائل فاسكيز أن يتناول إما تمديدًا قصيرًا آخر بعد مونديال الأندية أو منح الفرصة بالكامل لريناتو سانشيز أو مارسيال رودريغيز.
أما لوكا مودريتش (38 عامًا) فيبدو أكثر اقتناعًا بالبقاء لعامٍ إضافي، إذ أكد رغبته في مواصلة اللعب داخل قلعة سانتياغو برنابيو والدفاع عن ألوان النادي الذي حقق معه ثلاثة ألقابٍ قارية. بيد أن قراره الأحد المقبل سيعتمد على قدرة الريال على التعاقد مع لاعب وسطٍ شاب قادرٍ على المشاركة الفعالة وإشباع خطة أنشيلوتي المستقبلية في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.
انعكاسات على الجدول الزمني والتحضيرات
وسط استعداد الفريق للمغادرة إلى الولايات المتحدة، باشرت الإدارة الفنية تنسيق جدول تدريبي في معسكرٍ قصير الأمد يتضمن تمارين لياقة خفيفة وحصصًا فنية تراعي الخصوصية المناخية والملاعب الأمريكية. كما ستجرى اختبارات بدنية وفحوصات طبية إضافية لمودريتش وفاسكيز لضمان جاهزيتهما الكاملة، مع مراعاة أن كليهما دخل عامه التاسع في النادي الملكي واكتسب خبراتٍ بتجاوز 600 مباراة رسمية.
ومن المقرر أن يشهد المعسكر الأخير اتفاقًا نهائيًا على بنود العقود المؤقتة، مثل الراتب الأساسي والمكافآت المستحقة في حال إحراز اللقب العالمي، فضلًا عن بنود التأمين الصحي والتدريبات الجماعية التي تضمن عدم تعارض أي بند مع قانون "فيفا" الذي ينظم عقد اللاعبين الدوليين خلال البطولات الرسمية.
رسالة إلى الجماهير والاستراتيجية طويلة المدى
يعول ريال مدريد على علاقة عشاقه العريقة مع لوكا وفاسكيز في استثمارٍ تسويقي سيتمثل في حملات ترويجية وإعلانات خاصة بالمنتجات الرسمية خلال مونديال الأندية. وفي المقابل، تظل إدارة النادي حريصة على مواصلة دمج المواهب الصاعدة من الكاستيا، بما يحقق توازنًا قائمًا على الخبرة والشباب.
ختامًا:
يبقى السؤال الأهم: هل سيؤدي هذا التجديد الاستثنائي لفتح صفحة جديدة في تقييم عقد اللاعبين المخضرمين، أم أنه مجرد حلٍ مرحلي قبل اتخاذ قرارات صائبة للموسم المقبل؟ الأيام المقبلة التي ستشهد انطلاق كأس العالم للأندية ستحدد مصير لوكاس ولوكا، وقد تقود إلى نهاية حقبةٍ رائعة أو تمديدٍ لمسيرة أسطورية داخل أسوار العاصمة الإسبانية.
