قرارٌ أوليٌّ بطرد أتشيربي
شهدت الدقائق الأخيرة من الشوط الأوّل في لقاء إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين إنتر ميلانو وبرشلونة في سان سيرو مشهداً تصاعدت فيه المخاوف إثر مشادةٍ حامية بين مدافعَي الفريقين، الإيطالي فرانشيسكو أتشيربي والإسباني إينيغو مارتينيز، كادت أن تتطور إلى طردٍ مباشرٍ لولا تدخل تقنية الفيديو وإعادة الحكم تفكيره.
وقبل نهاية الشوط الأول بدقائق قليلة، نجح هاكان تشالهان أوغلو، نجم وسط الإنتر، في ترجمة ركلة الجزاء التي احتسبها الحكم البولندي سيمون مارشينياك إثر عرقلة أكرم خان على لاوتارو مارتينيز، مُسجّلاً الهدف الثاني للأفاعي (2–0). وما إن ارتفعت فرحة لاعبي الإنتر بهذا الهدف الحاسم، حتى انقضّ أتشيربي نحو وسط الملعب باحثاً عن أحد مدافعي البرسا للاعتراض على تدخلاته الحازمة طوال المباراة.
تفاصيلٌ تكتيكيةٌ وراء المشادة
وقع الاختناق التكتيكي، فالتقيا أتشيربي وإينيغو مارتينيز في نقطة التماس بين منتصف الملعب ومنطقة تبديل اللاعبين. وسرعان ما تحولت الكلمات بينهما إلى تصعيدٍ واضحٍ، أظهر حدةً غير معتادةٍ بين مدافعين سياسيتيهما الدفاعية متباينتان: الأول معروفٌ بهدوئه وخبرته (37 عاماً)، والثاني بأسلوبه القتالي ودقته التكتيكيّة (28 عاماً).
رفع أتشيربي صوته في وجه مارتينيز، مُشيراً بابهامته إلى تدخلاتٍ يصفها "متهوّرة"، وكان الرد مفاجئاً عندما لوّح المدافع الإسباني ببصاقٍ خفيفٍ صوب وجه الإيطالي. هكذا تسبّبت "زفرةٌ صغيرةٌ" بإشعال كامل المدرجات وموجةٍ من الإدانات على مواقع التواصل الاجتماعي.
تدخّل تقنية الفيديو لتهدئة الأجواء

لم يتردّد مارشينياك في إخراج البطاقة الحمراء مباشرةً للاعب الإنتر، ظنّاً منه أن الاعتداء الجسدي (بصقٍ يقارب الاعتداء البدني) يُعدُّ مسوغًا للطرد المباشر وفق قواعد السلوك. لكن قبل أن يشهر الحكم قراره رسمياً بين لاعبي الفريقين، وعقب إشارةٍ من مساعديه على الخط، توقّف عن تسجيل البطاقة واحتسب نهاية الشوط الأول صافرةً خالصةً من أية بطاقات.
في غرفة تقنية الفيديو، شاهد حكام الـVAR اللقطة بحذرٍ، فلاحظوا أن البصق لم ينال من مارتينيز إلا بشكلٍ سطحيٍ، دون أن يلامس جسده. كذلك تأكدوا من عدم وجود دفعٍ أو اعتداءٍ متعمّدٍ يستدعي الطرد. وفي ضوء ذلك، أرسلوا إشارةً الى مارشينياك تفيد بعدم وجود أساسٍ قانونيٍّ لإخراج البطاقة الحمراء، فعاد الحكَم البولندي عن قراره الأول، واعتمد الصافرة لبدء الشوط الإضافي دون طردٍ.
ردة فعل اللاعبين بعد الحادثة

ورغم سعادته برؤية الكرة في شباك تشيسني مرتين، بدا أتشيربي متوتراً بعد نهاية اللقاء الأول، فكان على زميله دينزل دومفريس أن يرافقه بعباءة مدربه إنزاجي إلى غرفة تبديل الملابس، لمساعدته على استعادة هدوئه قبل استكمال المباراة في الشوط الثاني والأشواط الإضافية.
وعلى الرغم من خلافاتهما رفقة منتخب إيطاليا وإسبانيا في اليورو والتصفيات الأوروبية، لم يكن أتشيربي ومارتينيز معتادين على هذه الاشتباكات الشخصية وسط الأندية. وقد عكس الحادث توتراً عامّاً يسود الفريق الكاتالوني بعد تصدي مارشينياك لضربة جزاءٍ كان البرسا يطالب بإلغائها، ومن جهةٍ أخرى، رغب الإنتر في تأكيد سيطرته على أرضه وقدرته على حسم الصعود للنهائي مجدداً.
ختامٌ مفتوحٌ على الإثارة
بفعل هذا التصرف الساذج نسبيًّا، تذكر الجميع أن كرة القدم الأوروبية لا تعرف التسامح مع الخطأ أمام مصيرٍ نهاييٍّ. ورغم أن إنتر نجح في انتزاع تأشيرة التأهل بهدفٍ قاتلٍ من دافيد فراتيسي (4–3 بعد الأشواط الإضافية، و7–6 في مجموع المباراتين)، إلا أن الواقعة بين أتشيربي ومارتينيز احتلت مساحةً كبيرةً من الأحاديث التحليلية ومواقع التواصل في الساعات التالية.
يتأهب إنتر لاستقبال الفائز من مواجهة باريس سان جيرمان وأرسنال في نهائي ميونيخ، بينما يترك هذا الموقف أثره على قميص برشلونة على أمل أن يتحول الدرس التكتيكي في الموسم المقبل إلى قوةٍ بدلاً من فعلةٍ عاطفيةٍ.