يشهد سوق المدربين في المملكة العربية السعودية هذا الصيف صراعًا غير مسبوق بين أندية النصر والهلال والأهلي والاتحاد على الظفر بتوقيع المدرب الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي، الذي يحتل صدارة اهتمامات كبار "العالمية" بعد مسيرةٍ حافلةٍ من الألقاب القارية مع يوفنتوس وميلان وتشيلسي وريال مدريد. ومع تذبذب نتائج النصر هذا الموسم وخروجه المفاجئ من دوري أبطال آسيا "النخبة" أمام كاواساكي فرونتال بنتيجة 2–3 في نصف النهائي، بات أمر إقالة مدربه الحالي ستيفانو بيولي مسألة محسومة، تمهيدًا لجلب اسمٍ عالميٍّ يعيد البريق لأصفر الرياض.
قصة “تغيير الولاية” في النصر
أفادت تقارير “UOL” البرازيلية أن إدارة نادي النصر قررت إنهاء عقد بيولي بنهاية الموسم الرياضي الحالي 2024–2025، بعد إخفاقه في تحقيق آمال الجماهير في التتويج بلقب دوري النخبة الآسيوي، فضلاً عن تراجع مركز الفريق في دوري روشن السعودي. وخلال سنوات عمل بيولي، شهد النصر صعودًا اقتصاديًا وإعلاميًا كبيرًا مع قدوم كريستيانو رونالدو صيف 2023، لكن النتائج لم تكن على قدر الطموح؛ مما دفع الإدارة إلى البحث عن مدربٍ أقوى فنيًا وخبرةً مع الأندية الكبرى.
رونالدو يرفع راية الدعم المبكر
جاء خبر انضمام النصر للسباق على كارلو أنشيلوتي برعايةٍ قوية من كريستيانو رونالدو نفسه. إذ نقلت “UOL” عن مصادرٍ مقرّبةٍ من النادي أن النجم البرتغالي، الذي سبق له الاحتراف تحت قيادة أنشيلوتي في ولاية الأخير الأولى مع ريال مدريد (2013–2015)، قدّم دعمًا غير معلنٍ لفكرة التعاقد معه؛ اعتقادًا منه بأن أسلوب المدرب الإيطالي المتوازن بين الضغط الهجومي والتنظيم الدفاعي سيناسب مشروع النصر الطموح. ورغم انتهاء عقد رونالدو مع العالمي في 30 يونيو 2025، تؤكد كل المعطيات على اقترابه من تمديد عقده لموسمين إضافيين، وبالتالي رغبته في وجود مدربٍ على قدرِ اسمه.
نقاط نورٍ للمدرب الإيطالي
تتعدد مميزات أنشيلوتي التي تجعل منه هدفًا مثاليًا للأندية السعودية:
- سجلٌ أسطوري في دوري الأبطال الأوروبي: قيادته لميلان وريال مدريد لحصد خمس ألقابٍ أوروبيةٍ (1996، 2003، 2007، 2014، 2016)، ما يمنحه خبرةً لا تضاهى في المنافسات القارية.
- تكتيكٌ متعدد الأوجه: قدرته على التكيف مع إمكانيات اللاعبين من دون التخلّي عن هويته التكتيكية، كما رأينا في تغييراته الحاسمة التي مكّنت الريال من الثلاثية في 2014.
- خبرة في إدارة النجوم: قدرته على استيعاب اللاعبين الكبار وتوزيع المسؤوليات داخل غرفة الملابس، وهو ما يحتاجه النصر بعد انضمام عددٍ من النجوم الكبار وارتفاع سقف طموحاتهم.
هل يكون البرازيل وجهة أنشيلوتي المقبلة؟
وسط هذا الصخب السعودي، أطلق موقع “The Athletic” مفاجأة قوية عندما أعلن عن اتفاقٍ نهائي بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي لكرة القدم لقيادة المنتخب الوطني الأول. وأوضح التقرير أن الجلسات الأولية مع المسؤولين في البرازيل انتهت برضى الطرفين على الشروط المالية والفنية، وأن المدرب الإيطالي توصل كذلك إلى تفاهمٍ مع إدارة ريال مدريد بشأن بندٍ جزائي في عقده الممتد حتى 30 يونيو 2026، ما يسهل انتقاله إلى "السامبا" دون خلافٍ مع النادي الملكي.
ماذا يعني ذلك للنصر؟
إذا تداولت الأنباء عن توقيع نهائي مع البرازيل، قد يسحب أنشيلوتي البساط من تحت أقدام الأندية السعودية، ويبقي منصب المدرب العالمي جاذبًا لبدائلٍ أقل مستوىً لكنه لا يزال ضمن النخبة الأوروبية. ويواجه النصر مأزقًا يتطلب سرعةً في التحوّل نحو المدربين البدلاء الذين يملكون سجلاتٍ دوليةٍ كبيرة؛ فقد سبق أن ارتبط اسمه بأسماءٍ مثل توماس توخيل وسيموني إنزاجي، لكن مستوى الروح الجماعية ورسائل الإدارة سيكون الحاسم في خطف توقيعٍ جديدٍ يرضي طموحات الجماهير والنجم البرتغالي نفسه.
أفقٌ جديدٌ أمام الهلال والأهلي والاتحاد
لا يقتصر الصراع على النصر وحده، بل دخل الهلال والأهلي والاتحاد سباقًا جادًا لجلب أنشيلوتي.
- الهلال: يسعى لتعويض إخفاقات قاريةٍ متكررةٍ ورفع كأس آسيا للمرة الخامسة، وقد يستفيد من قوة منصبه المالي.
- الأهلي: بعد تتويجه باللقب الآسيوي، يريد مدربًا يعرف كيف يوازن بين المنافسة المحلية والظهور في كأس العالم للأندية 2025.
- الاتحاد: رغم حديث “UOL” عن دخول بنزيما في المفاوضات، إلا أن "العميد" يفضل مدربًا يملك خبرةً في "الريمونتادا" الأوروبية قبل القفز إلى السعودية.
خلاصة سريعة
في اللحظات الحرجة قبل انطلاق السوق الصيفي رسميًّا، تبدو فرحة النصر بخسارة أنشيلوتي للسباق محتملةً إذا نجح البرازيل في خطف توقيع المدرب الإيطالي. غير أن دعم رونالدو وخبرة الإدارة قد تُرجح كفة "الصورايخ"، بتأمين مدربٍ عالميٍّ يليق بمستوى النجوم الموجودين ويعيد الزخم لجماهير "الغواصات الصفراء". ومع احتمالية ضياع أنشيلوتي، سيكون على الأندية السعودية الكبرى التحرك سريعًا وإطلاق مفاوضاتٍ مع بدائلٍ من أصحاب الإنجازات الأوروبية والأفريقية، لتفادي موسمٍ جديدٍ من الإخفاقات القارية والمحلية.
