شوط أول نصراوي استثنائي
افتتح النصر التسجيل في الدقيقة الثالثة عبر تسديدةٍ قويةٍ من أيمن يحيى، قبل أن يعزز المتألق ساديو ماني التفوق في الدقيقة 37 بعد مراوغة دفاعية متقنة. قدّم أصحاب الأرض في تلك الفترة أفضل عروضهم هذا الموسم، إذ فرضوا إيقاعًا هجوميًا سريعًا واكتفوا بالضغط العالي على وسط دفاع الاتحاد. خلق العالمي أكثر من فرصةٍ محققةٍ للتسجيل، لكن التسرع والتعامل الحذر مع الكرات الأخيرة حرمهم من إضافة هدفٍ ثالثٍ كان سيقتل اللقاء فعليًا.
وجاء هذا المستوى الجارف بعد أيامٍ قليلةٍ من وداع منافسات دوري أبطال آسيا أمام كاواساكي فرونتال الياباني بنتيجةٍ ثقيلةٍ في نصف النهائي، فعاد سؤال “أين كان هذا الأداء أمام الكوريين؟” إلى أذهان الجماهير النصراوية التي ما انفكت تُغرق صفحات التواصل بسخريةٍ ألمٍ من تذبذب المستوى.
انقلاب دراماتيكي في الشوط الثاني
مع انطلاق الشوط الثاني، بدا واضحًا أن بلان أعد تغييراته الذهنية والتكتيكية في غرفة الملابس، فأرسل أوامره للحفاظ على الكثافة العددية في وسط الملعب وإغلاق المساحات بين الخطوط. وتحصل الاتحاد على هدف التعادل في الدقيقة 49 عبر رأسيةٍ متقنةٍ من كريم بنزيما إثر تمريرةٍ طوليةٍ من فابيان رويز، قبل أن يكمل نجولو كانتي ثلاثية “الكحلي” بعدما اخترق وسط الملعب وانفرد بحارس النصر في الدقيقة 52.
الهدف الثالث (د.90+4) جاء من انطلاقةٍ فرديةٍ لأشرف حكيمي الذي استلم الكرة على حدود المنطقة وانطلق من الجهة اليمنى قبل أن يطلق تسديدةً صاروخيةً أسكنت شباك “العالمي” ودونت انتصارًا تاريخيًا للعميد.
آفة الأخطاء الدفاعية تلاحق الاتحاد

رغم اللون الزاهي لكرنفال الانتصارات، لا يزال الاتحاد يعاني من أزمة ارتباكٍ في الخلف، خصوصًا في التمركز وتغطية الأطراف. فقد بدا الثنائي عبد الإله العمري ودانيلو بيريرا متخليين في بعض الكرات العرضية عند تقدمهما الهجومي في الشوط الأول، ما كاد يكلف الفريق هدفًا ثالثًا لولا يقظة الحارس دافيد أوسبينا. ويُحذّر المتابعون أن الإغفال عن هذه الثغرات قد يُكلّف بلان لقب الدوري في الجولات الأربع المتبقية، لا سيما مع تضييق الفارق الذي قد يحدثه الهلال والأهلي في حالة الانتصار في لقاءاتهما المقبلة.
مرونة بلان وسحر التعديلات
يبقى السؤال: ما السر في قدرة المدرب الفرنسي على قلب النتيجة خلال 45 دقيقة؟ تظهر الإجابة في مرونة التكتيك الذي يطبقه:
1. التضييق على صانع اللعب:
فرض ضغطًا كثيفًا على الثلاثي بارتي وداوودو، منعهم من بناء اللعب بسهولة.
2. التبديلات المؤثرة:
زج بأليكس تيليس في الدقيقة 60 لتعزيز الجناح الأيسر، واستخدم حكيمي للانطلاق خلف الظهير النصراوي.
3. الانضباط الذهني:
ركّز على تعزيز الثقة النفسية بعد هدف بنزيما، وطلب ضبط انفعالات اللاعبين والمضي قدمًا نحو الفوز.
ويُشيد المتخصصون في “ماركا” و”موندو ديبورتيفو” بالخطط الفرنسية التي تبدو بسيطةً على الورق لكنها في التطبيق عملية وفعّالة، خصوصًا أمام الفرق التي تعتمد على العرضيات والكرات الطولية، مثل النصر.
ماذا بعد الكلاسيكو؟

لأول مرةٍ يتقدم الاتحاد بفارقٍ مريحٍ يصل إلى ست نقاطٍ عن أقرب ملاحقيه الهلال (65 نقطة)، مع أربع جولاتٍ متبقيةٍ على نهاية الدوري. ويخوض العميد مباراتين مهمتين أمام الفيحاء وضمك قبل الختام بمواجهةٍ محتملةٍ حاسمةٍ أمام الأهلي أو الشباب.
وفي المقابل، يتوجّب على النصر تجاوز ركبته الفنية سريعًا وتصحيح الأخطاء الدفاعية وتفادي فرط التسرع أمام المرمى، خاصةً بعد أن أضاع لاعبوه فرصًا سانحةً جعلت الفوز طيفًا سرعان ما تبدد.
مع تبقّي 12 نقطةٍ فقط في الحساب لنادٍ يملك ذاكرةً آسيويةً مؤلمةً، لن يكفي الاعتذار للأنصار ولكن يظل أمام الجهاز الفني واللاعبين تحدٍ مزدوجٍ: استعادة هيبة العالمي محليًا، وإعادة الاعتبار في الدروي الآسيوي المنتظر الموسم المقبل. وفي ظل سحر بلان “غير المفهوم”، فإن نزال اللقب السعودي يبدو أقرب لنهايةٍ سعيدةٍ للعميد، أو انتكاسةٍ تاريخيةٍ في حال انتظام الأخطاء الدفاعية وعدم الحسم في الوقت المناسب.