أثار تقريرٌ مصوَّرٌ بثّته قناة نادي ريال مدريد الرسمية مساء الجمعة ضجةً واسعةً على مواقع التواصل، بعد أن وجّه هجومًا لاذعًا إلى طاقم التحكيم المكلّف بإدارة نهائي كأس ملك إسبانيا بين الريال وبرشلونة، والمقرّر إقامته مساء السبت على ملعب «لا كارتوخا» في إشبيلية. وجاء التركيز بشكلٍ خاص على الحكم خيسوس غونزاليس فويرتيس، الذي اختارته لجنة الحكام التابعة للاتحاد الإسباني، في خطوة اعتبرها النادي الملكي بمثابة «إنكار للعدالة» في أبرز لقاءٍ محلي لهذا الموسم.
إدانة «مركزية» لجمعية الحكام
بدأ التقرير بالقول إن «وجود غونزاليس فويرتيس وأعضاء لجنة الحكم خوسيه لويس غوميز كانتاليخو ليس مقبولًا» للأندلسيين والملكيين على حد سواء. وادعت القناة أن هذه الأسماء «مرتبطة بقضية نيغيريرا»، في إشارة إلى اتهامات الرشوة المثارة بحق بعض مسؤولي برشلونة سابقًا، وهو ما وصفه التقرير بـ«التواطؤ التحكيمي الذي يهدّد نزاهة المباريات».
اتهام بالازدواجية والضغط الإعلامي
كما اتهمت القناة باقي الحكام المعينين «بإغلاق الباب أمام أي تحركٍ للإشراف على العدالة داخل أرضية الملعب»، معتبرةً أن «الحديث العلني عن أخطاء سابقة لا يكفي، ويجب أن يرافقه انسحابهم من إدارة الكلاسيكو وما يليه من مبارياتٍ لريال مدريد في الليجا أو الكأس». واعتبر التقرير أن «اندفاعةٍ كهذه» تنقل رسالةً إلى الجماهير مفادها أن النادي سيُحاسب أي هيئة تنظيمية تشكّك في قدرته على حصد الألقاب.
خلفية الأزمة: تصريحات الحكّام وحرب التصريحات

تأتي هذه الخطوة على خلفية تصريحاتٍ سابقة لحكمٍ رفيع المستوى وصف فيها موقف الريال بـ«التدخل الذي يخرق الأعراف»، قبل أن يأتي ردّ النادي الملكي عبر قناة النادي، في سجالٍ يُعيد للأذهان الخلافات التي اشتعلت منذ منتصف الأسبوع، حين أكّد فويرتيس أنه تلقى «تهديداتٍ مباشرةٍ» بعد تعيينه للكلاسيكو، ما جعل أطرافًا تُلقى باللائمة على «ضغوطٍ خارجيةٍ» لمحاولة تغيير القرار.
ردود فعل إعلامية وجماهيرية متباينة
لاقت حملة قناة الريال ردود فعل متباينة؛ فتحت هاشتاغاتٍ حملت اسماء الحكام المعينين انتقد رواد «تويتر» أسلوب القناة الرسمي في مهاجمة رمزٍ من رموز التحكيم الإسبانية، واصفين الخطوة بأنها «عشوائيةٌ ومنافٍ لروح الرياضة»، بينما رأى آخرون أن «الضغط الإعلامي» أسلوب مشروع للدفاع عن حقوق النادي أمام أي «انحيازٍ تحكيمي» محتمل.
الموقف الرسمي لاتحاد الكرة ولجنة الحكام
على الجانب المقابل، أعلن الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن لجنة الحكام «ملتزمةٌ بقواعد الاختيار المعتمدة منذ سنوات»، وأنها لن تنساق وراء «الأصوات الاحتجاجية» من أي نادٍ، بما في ذلك في حالات كأسٍ نهائيٍ كبيرٍ كهذا. وبيّن رئيس اللجنة أن «التحضيرات للمباراة انطلقت قبل شهرين»، وأن «أداء الحكام في الموسم الجاري كان على قدرٍ عالٍ من النزاهة والاحتراف».
تداعيات مستمرة وأهمية النهائيات المحلية
يحمل نهائي كأس الملك أهميةً خاصةً للريال وبرشلونة معًا؛ فالفريق الكتالوني يتطلع إلى التتويج بالمركز الأول في المسابقة، بينما يطمح الملكي لتعويض الإخفاق الأوروبي والخروج من دوري أبطال أوروبا، عبر حصد ألقاب محلية تثبت قوته على الساحة الإسبانية. ويشكّل الكلاسيكو في الكأس فرصةً لإيقاف الزحف المنافس في الليجا، وتعزيز الثقة الجماهيرية قبل انطلاق الموسم التالي.
سياق أوسع: تاريخ التوتر بين الأندية ولجنة الحكام

يشكّل هذا الخلاف أحدث حلقةٍ من مسلسل التوتر بين الأندية الكبرى ولجنة الحكام الإسبانيين، الذي سبق أن شهد اتهاماتٍ متبادلةٍ حول التعيينات وأخطاء الفيديو المساعد للحكم (VAR). ويعتبر المراقبون أن استمرار هذه الخلافات قد يُلحق ضررًا بصورة المسابقة محليًا ودوليًا، لا سيما وأن كأس الملك تحقق معدلات مشاهدة عالية في كبرى الأسواق العالمية.
خلاصة التحديات والرهانات
قبل ساعاتٍ من صافرة انطلاق الكلاسيكو المنتظر، يواجه الحكام اختبارًا لمهارات الإصرار على الحيادية وسط أجواءٍ متوترةٍ إعلاميًا، بينما يجهّز الفريقان أفضل أسلحتهم التكتيكية والفنية لخطف اللقب الأغلى محليًا. وفي خضم هذه التحضيرات، تظل مسألة العدالة التحكيمية من العوامل الأكثر حساسيةً، وقد تتحول إلى ورقة ضغطٍ نفطيٍ للجماهير والمحللين على حد سواء، في حين يتطلّع الجميع لمشاهدة مباراةٍ تليق بأحد أبرز أمسيات الكرة الإسبانية.