تعمل إدارة ريال مدريد على مراجعة خططها الهجومية استعدادًا لفترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وتواجه خيارًا صعبًا يتمثل في التضحية بواحد من نجومه الصاعدين، البرازيلي رودريجو جوس، من أجل فتح باب تمويل صفقات جديدة وتعزيز خيارات زين الدين زيدان على الأطراف. وأوضحت صحيفة "آس" أن النادي الملكي بات يضع اسم اللاعب صاحب الـ24 عامًا ضمن قائمة الأسماء المرشحة للخروج في حال حصوله على عرض يُغري خزينة النادي بقيمة مالية مجزية.
انطلاقة رودريجو وصعود نجوميته

انتقل رودريجو إلى "المرينغي" صيف 2019 قادمًا من سانتوس البرازيلي مقابل نحو 45 مليون يورو، في واحدة من صفقات الشباب التي استحوذت على اهتمام الوسط الكروي الأوروبي. وقدّم منذ ذلك الحين أداءً واعدًا، شارك في أكثر من 150 مباراة رسمية بمختلف المسابقات، أحرز خلالها 31 هدفًا وشارك في أكثر من 25 تمريرة حاسمة، مع معدل تناوب سريع بين الجناحين الأيمن والأيسر في ظل اعتماد المدربين على مرونته وسرعته في الانطلاق خلف مدافعي الخصم.
ضغوط المنافسة على الجناح الأيسر
عقب ضم كيليان مبابي القياسي هذا الموسم، تمحورت الخيارات الهجومية لريال مدريد حول الثنائي فينيسيوس جونيور وجوس، لكن تألق الإسباني إيبراهيم دياز، المستعار من ميلان، وجذب الأنظار مبكرًا لموهبة التركي الشاب أردا جولر، شغل المساحات وخاض مباريات استثنائية في المسابقات الإقليمية، ما قلّص من فرص نزول رودريجو بانتظام كأساسي. ويبدو أن الإدارة ترى في بيع أحد هؤلاء اللاعبين فرصة للتخفيف من الأجور العالية وتسهيل تدفقات نقدية لتسوية دفعات عقود الصفقات الكبرى القادمة.
البحث عن موارد مالية للصفقات
مع اقتراب موسم الميركاتو الصيفي، تنوي الميرينغي ضخ استثمارات في مراكز متعددة، وعلى رأسها صانع الألعاب المهاجم الذي يجمع بين المهارة والسرعة، إضافة إلى ظهير أيمن يتمتع بخاصية انطلاقات هجومية صريحة. وتشير التقديرات إلى حاجة النادي لتعزيز الموازنة بقرابة 80 إلى 100 مليون يورو لتحقيق الاستقرار المالي المطلوب لتسديد مستحقات المباريات النهائية والرسوم المتفق عليها مع اللاعبين الجدد. وفي هذا الإطار، تبدو فكرة بيع رودريجو قادرة على توفير نحو 60 مليونًا إذا ما أضيفت إليها القيمة السوقية للأظهرة المحتمل رحيلهم.
وجهات متوقعة ومبادلات محتملة

أكد الصحفي فابريزيو رومانو عبر حسابه في منصة "إكس" أن أندية كبرى مثل مانشستر سيتي وأرسنال وضعته على رأس أولوياتهم لتعزيز خط الهجوم، لا سيما وأن أسلوب اللعب البلجيكي جارسيا يفضل سرعة التمرير وبناء الهجمة من العمق، ما يتماشى مع قدرات الحارس السابق لمنتخب البرازيلي الشاب. وقد يلجأ ريال مدريد إلى إدراج بند إعادة شراء حال أُجريت الصفقة مع نادٍ آخر، أو حتى مقايضة جزئية مع لاعبين مُعارين بعيدًا عن اللقب الملكي، لضمان العودة في المستقبل إذا تغيرت الظروف التكتيكية أو احتاج المدرب لدقائق إضافية.
ردود فعل الجماهير والإدارة
أحدثت أنباء احتمال رحيل رودريجو صدى متباينًا لدى جمهور ريال مدريد، إذ رأى فريق من المشجعين أنه من الأفضل الإبقاء على الشاب البرازيلي ومواصلة منحه الثقة، بينما أيد آخرون الخطوة باعتبارها ضرورية لتأمين مستقبل النادي على المدى الطويل. بدوره، أشار فلورنتينو بيريز في لقاء مغلق مع بعض أعضاء المجلس إلى ضرورة الموازنة بين الحب لأسماء تمتلك روح "الأكاديمية" وبنود الاستدامة المالية التي تفرضها قواعد اللعب المالي النظيف الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
أثر القرار على التشكيلة وتوزان الرواتب
لا يقتصر طرح اسم رودريجو للبيع على الجانب الرياضي فحسب، بل من شأنه أن يخفض المصروفات السنوية الناتجة عن العلاوات والأجور التي يتقاضاها اللاعب حاليًا، والتي تُقدَّر بحوالي 6 ملايين يورو صافيًا سنويًا. وبإخراجه من قائمة رواتب الفريق يمكن للنادي توجيه جزء من هذا الراتب للاستمرار في صفقات أخرى دون الاضطرار لخنق الميزانية أو اللجوء إلى بيع أصول فنية أخرى. ومن المقرّر أن تُعرض هذه الخطة على اللجنة الفنية في مايو المقبل، قبل الحسم النهائي في يونيو.
تكهنات ما قبل الصيف
توقيت الكشف عن نيّة ريال مدريد "بالتخلي" عن أحد نجومه الشباب قبل عامين من انتهاء عقده يعد خطوة جريئة، خاصة وأنه يُفترض أن يُدخِل رودريجو السوق بملاءة مالية نسبية، ويخلق زخمًا للتعاقد معه. وفي المقابل، قد تُسارع أندية الدوري الإنجليزي والخليجي لتمويل الصفقة بما يفوق القيمة المقترحة، في رسم معقد للتفاوض يعتمد على رغبة اللاعب نفسها وشروط عقده الموقعة منذ 2022.
خلاصة القول، يواجه المرينغي تحديًا مزدوجًا بين الحفاظ على مبادئ التنمية الداخلية التي استقطبت الشاب البرازيلي عام 2019، وضمان الإيفاء بالتزامات صُنّاع القرار داخل منظومة النادي، التي تسعى للعودة بقوة إلى صدارة أوروبا بلا ثغرات مالية أو فنية. وكما تُشير مصادر "آس"، سيعطي العام المقبل لمحة نهائية عن مصير رودريجو، هل سيصبح ثاني صفقة كبرى يتم بيعها بعد بنزيما لتنشيط موازنة النادي، أم سيُمنح مقعدًا ثابتًا في تشكيلة الأبطال المستقبليين؟