يتهيّأ خط وسط برشلونة بقيادة الشاب بيدري لمرحلة حاسمة من الموسم، بعد أن نجح في قيادة الفريق إلى لقبي كأس السوبر الإسباني وكأس ملك إسبانيا، إضافة إلى تصدّر الليغا الإسبانية حتى الآن، والتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. وفي حديث نشرته صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، أكد بيدري أنه لطالما حلم بالفوز بالكرة الذهبية، غير أن تركيزه الحالي ينصبّ على جلب الألقاب مع النادي الكتالوني قبل أي شيء آخر.
انطلاقة مبهرة وبصمة واضحة
منذ ظهوره مع الفريق الأول قبل موسمين، برهن بيدري على موهبة استثنائية وقدرة كبيرة على التحكم بإيقاع اللعب، ما ساعده على حجز مكان أساسي في تشكيلة المدرب تشافي هيرنانديز. هذا الموسم، شارك بيدري في أكثر من 40 مباراة جمع بينهم الدوري والكأس والأبطال، مسجّلاً هدفين وصانعاً لعشر تمريرات حاسمة، مع معدل دقة تمرير يتجاوز 89% في المباريات الكبرى، بحسب أرقام الموقع الرسمي للنادي.
حلم الكرة الذهبية ينتظر حصاد الألقاب
في الحوار مع "موندو ديبورتيفو"، قال بيدري: "منذ تتويج رودري بالكرة الذهبية، أصبح واضحاً أن لاعب الوسط القادر على التحكم بوسط الميدان وإدارة إيقاع اللعبة يملك فرصة حقيقية للفوز بها. أنا أحلم بهذا التكريم منذ طفولتي، لكنه ليس الهدف الأهم في هذه المرحلة. أولويتي الآن هي مساعدة برشلونة على جلب المزيد من الألقاب، ثم التفكير في الأمور الشخصية لاحقاً".
دروس من النجوم… وسياسة تشافي
يقتدي بيدري بوسط الميدان العالمي ككيفن دي بروين ولوكا مودريتش، اللذين جاءتهما البطولة المحلية والقارية ثم الكرة الذهبية. ويؤمن النجم الإسباني بأن نهج تشافي في تمرير الكرة القصيرة والاستحواذ المتواصل يشكّل البيئة المثالية له لصقل مهاراته. ويضيف بيدري: "تشافي علّمنا أن نفكّر بالفريق أولاً، ثم النجاح الفردي يتلو ذلك تلقائياً".
أهمية دور المحور في الكرة الحديثة
شهدت السنوات الأخيرة تنامي أهمية لاعبي المحور في حسم جائزة الكرة الذهبية، فقد برز مودريتش كاستثناءٍ عام 2018، وجاءت ترشيحات رودري هذا العام لتؤكد أن الجودة في وسط الملعب لم تعد أقل قيمة من الأجنحة والقناصين. ويرى خبراء أن بيدري، بقدرته على استلام الكرات تحت الضغط وتوزيعها بدقة، لديه فرصة للدخول في قائمة المرشحين خلال الأعوام المقبلة إذا ما حافظ على معدّلاته الإنتاجية وحقق الألقاب الكبرى.
موسم برشلونة… بين الصدارة وتحديات الأبطال
يعيش برشلونة مرحلة ازدهار بعد عودة دماء شابة إلى التشكيلة الأولى، إذ يتصدر الليغا بفارق ثلاث نقاط عن ريال مدريد، في حين يمرّ بدفعة معنوية عارمة تأتى من انتصاراته المتتالية في الكأس المحلية. وعلى الصعيد الأوروبي، ينتظره ثمن نصف النهائي أمام مانشستر سيتي، وهي مباراة ستكون تحديدية في مسار برشلونة والطموح القاري للفريق، وقد تكون الحصيلة فيها معيار جذب الاهتمام الشخصي لبيدري.
مراقبة المنافسين وأثرها النفسي
يتابع بيدري عن قرب أداء لاعبين آخرين يتنافسون على الكرة الذهبية، مثل كيليان مبابي وهاري كين. ويعترف النجم الإسباني بأن مقارنة الأرقام والإنجازات تولّد لديه دافعاً إضافياً، لكنه يؤكد أن الضغط على النتائج الجماعية أفضل من الانغماس في صراعات الأرقام الفردية. وفي هذا السياق، يذكر بيدري مقولة رودري: "الكرة الذهبية ليست هدفاً بل تتويج لإنجازات الفريق".
التحديات المقبلة… والإصابات
يمرّ بيدري بفترة غاية في الحساسية، إذ يحتاج للحفاظ على اللياقة وتجنّب الإصابات العضلية التي لازمت المواسم الأخيرة للاعبي وسط الميدان المكثفين بالمواجهات. ويخضع لبرنامج خاص يقوده الطاقم الطبي بالنادي، يتضمن جلسات تقوية العضلات وتنويع الأحمال التدريبية لتفادي الإجهاد. ويعلق: "أعلم أن كل مباراة هي امتحان جديد، وأن التوازن بين التدريب والراحة عنصر أساسي لتحقيق حلمي بأقرب وقت ممكن".
أبعاد تجارية وشعبية عريضة
حظي بيدري بشعبية جارفة بين الجماهير الكتالونية والعالمية، ما جعله السفير التجاري الأول لعدة علامات رياضية رائدة. ويسهم تألقه على أرض الملعب في تبعياته خارجها، حيث بات اسمه من بين أكثر اللاعبين بحثاً على الإنترنت ومواقع التواصل. ويحرص برشلونة على توظيف هذه القيمة التسويقية لدعم ميزانية النادي، التي عانت من أزمة السيولة في المواسم السابقة.
الخطوات القادمة… بين اللقب الشخصي والجماعي
مع بقاء ثلاثة أشهر حاسمة في الموسم، يتعيّن على بيدري ورفاقه التركيز على موقعة مانشستر سيتي، ثم الحفاظ على الصدارة في الدوري، قبل التوجّه إلى نهائي الكأس في حال بلوغه. ويعلم لاعب الوسط أن كل لقب سيضيف نقطة قوية لسيرته الذاتية عند التقييم السنوي لاختيار الفائز بالكرة الذهبية، لكن الأهم بالنسبة إليه أن تظل رايته تحمل ألوان برشلونة عالية في سماء الكرة الأوروبية.
ختاماً، يمثل الموسم الحالي لبيدري محطة مفصلية بين بناء إرثه مع ناديه والسعي نحو تصنيف النجوم الكبار الذين سبقوه في استلام الجائزة الأغلى في الكرة العالمية. ومع استمراره في تقديم أداء ناضج رغم صغر سنه، يبقى السؤال الأبرز: هل ستكون الألقاب الجماعية بوابته لتحقيق حلم الفردي الكبير؟
