يعيش الكولومبي جون دوران، مهاجم النصر السعودي، فصلاً صعبًا في مسيرته هذا الموسم، بعد أن فشلت محاولات تثبيته في قمة التشكيلة مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، واشتدت الانتقادات لجانب كبير من جماهير “العالمي” عقب إهداره عدة فرص أمام كاواساكي فرونتال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة (3-2). لكن مدربه الأسبق في إينفيجادو الكولومبي، ويلبرث بيريا، يرى أن المشكلة ليست فنية بحتة، بل “عاطفية ونفسية”، ويؤكد أن وجود رونالدو إلى جواره يساعده على النمو والتطور.
منصة الانتقادات وتراجع الأرقام
تعاقد النصر مع دوران في يناير 2025، مقترنةً مع انضمام الدون كريستيانو رونالدو، في واحدةٍ من صفقات موسمية شملت كتيبةً من النجوم الجدد. ورغم الإشادات الأولية بسرعة دوران وحسن تحركاته داخل المنطقة، فقد صام المهاجم عن التسجيل في 10 مبارياتٍ من أصل 15 مشاركةٍ حتى الآن، كما أضاع فرصًا سهلةً حاسمةً في نصف النهائي الآسيوي، ما دفع قطاعًا من الجماهير لشن حملة «سِرشة» على مواقع التواصل، يطالبه خلالها بالعودة إلى دوري يلو أو الجلوس على دكة البدلاء.
بيريا: “المشكلة نفسيّة أولًا وأخيرًا”

قال بيريا، المدرب الذي اكتشف دوران في أكاديمية إينفيجادو قبل أن يصعده للفريق الأول:
“جون يمر بمرحلةٍ عاطفيةٍ طبيعيةٍ يمرّ بها أي لاعبٍ شاب بعد انتقالٍ كبيرٍ. يحتاج إلى من يحتضنه نفسيًا ويقدّم له الدعم الاجتماعي، كي ينصلح توازنه الذهني وتعود ثقته بنفسه.”
وأضاف في تصريح لـ“العربية.نت”:
“الضغط في النصر خارج التصوّر، هناك جمهورٌ ينتظر الصفقات الكبيرة ويبالغ في انتقاد الأخطاء. لا بد أن يبقى اللاعب هادئًا، وأن يتلقّى المظاهر الإيجابية والملاحظات البناءة بدل التشهير به.”
خطوات عملية لاستعادة الثقة
أوضح المدرب الكولومبي أن علاج أزمة دوران يتطلب ثلاث مراحل رئيسة:
1. الدعم النفسي:
“الحوار اليومي مع الجهاز النفسي والطبي للفريق، وإشراك اللاعب في بناء أهدافٍ قصيرةٍ المدى”.
2. التكرار الفني:
“تخصيص حصصٍ إضافيةٍ لإنهاء الهجمات أمام المرمى في المران، لضمان ترسيخ الشعور بالنجاح عند مواجهة الفرص”.
3. التقييم الذاتي:
“إشراك دوران في مراجعة تسجيلات المباريات لتفصيل الأخطاء وتحديد النقاط التي يحتاج لتحسينها، ولكن بعيدًا عن الأجواء السلبية في وسائل التواصل”.
رونالدو منبوذٌ أم محفّز؟

سادت بين بعض أنصار النصر فكرةٌ أن كريستيانو رونالدو “يأخذ مساحة دوران داخل منطقة الجزاء” ويقلل فرص تسديده أو توسع حركته، لكن بيريا نفى ذلك جملةً وتفصيلاً:
“وجود رونالدو إلى جانبه يجب أن يكون عاملًا إيجابيًا. المهاجم الشاب يتعلم منه التنظيم البدني، وحسن التعامل مع المدافعين والتواجد في اللحظات الحاسمة. لقد ظهر في المباريات الأخيرة أن جون عندما لعب وحيدًا أمام المرمى لم يستطع ترجمة الفرص، وهذا ليس خطأ رونالدو، بل مسألة تمرينٍ وعملٍ ذهني.”
وأكد:
“جون لن يكون أفضل دون رونالدو، بل العكس صحيح. اللاعبون بحاجةٍ للاحتكاك مع النخبة لا التفاخر بكونهم المحور الوحيد للهجوم.”
دور الجهاز الفني والإدارة
من جانبه، يحتفظ المدرب الروماني ألكسندر يوليان ببابٍ مفتوحٍ لدور الجهاز الفني والإداري في استقرار اللاعب، عبر:
- إشراك دوران في نشاطاتٍ جماعيةٍ لتخفيف العزلة،
- تجنّب تسريباتٍ سلبيةٍ تضعه تحت مجهر الإعلام،
- تهيئة مساحةٍ لعائلته داخل الرياض لدعم الاستقرار العائلي.
ويرى محللون في “ماركا” و“موندو ديبورتيفو” أن تجربة النصر هذا الموسم لا تُشبه ما مرّ به دوران في مسيرته الكولومبية، إذ كان كياسة الأداء والمساحات الاتساعية تسمح له بالإنهاء أمام المرمى بسهولةٍ. أما الآن، فيتوجب عليه ضبط التوقيت والاختيار بين التمركز مع رونالدو أو الانسحاب للوصول لكراتٍ معدّةٍ.
خاتمة… صفحة جديدة في الانتظار
في النهاية، يبقى دوران واحدًا من المواهب الواعدة في القارة الأمريكية اللاتينية، ولا زال أمامه متسعٌ لكتابة فصولٍ جديدةٍ من النجاح. وبكل تأكيد، فإن تجاوز الأزمات النفسية والعاطفية بمساندة النادي والجهاز الفني والأصدقاء سيعيد إليه بريقه التهديفي ويحقق ما طال انتظاره من ألقابٍ قاريةٍ ومحليةٍ في مواسمٍ مقبلة.