اللقطة الأولى: "لمسة يد" لم تحتسب
انتقل الاهتمام التحكيمي إلى قلب إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين إنتر ميلانو وبرشلونة على ملعب "جوزيبي مياتزا"، بعد قراراتٍ جريئةٍ لحكم الساحة البولندي سيمون مارشينياك أثارت غضباً كتالونياً، وسط اتهاماتٍ بنقص العدالة تجاه الفريق الإسباني. ويأتي ذلك بعد أيامٍ فقط من جدلٍ مماثلٍ في لقاء ريال مدريد وضيفه أتلتيكو مدريد في ملحق دور الـ16.
في الدقيقة 25، مرَّر بيدري كرةً عرضيةً انطلقت نحو داني أولمو داخل منطقة الجزاء، لكن فرانشيسكو أتشيربي تدخل بيده ليبعد الكرة بعيداً عن خطرٍ داهمٍ. اشتكى لاعبو برشلونة بتأثير واضحٍ، معتبرين أن الأتشيربي افتقر للنية الدفاعية وأن الكرة اصطدمت بيده عمدًا ليحرم الضيوف من هدفٍ محققٍ، لكن مارشينياك اكتفى باستئناف اللعب دون إشارةٍ لاستشارة تقنية الفيديو، رغم أن القاعدة تنص على "انضباط لمس الكرة عمدًا باليد داخل المنطقة يجب أن يجرِّم بضربةٍ جزاءٍ".
اللقطة الثانية: جزاءٌ قاسٍ لإنتر
لم تمضِ سوى خمس دقائقٍ حتى جاءت اللقطة التي قلبت المباراة رأساً على عقب. هجمةٌ مرتدةٌ خطيرةٌ للعالمي الإيطالي قادها لاوتارو مارتينيز، فانطلق نحو المرمى قبل أن ينجح باو كوبارسي في كبح جماحه بدفعٍ طفيفٍ على ساقه داخل الصندوق. اختلفت تفسيرات الجماهير بين "كوبارسي لمست الكرة أولاً" و"هناك تلامسٌ واضحٌ"، لكن مارشينياك استشار تقنية الفيديو وأشار إلى نقطة الجزاء. نفّذها هاكان تشالهان أوغلو ببرودةٍ (2–0)، منحته بطاقة للتسجيل في دوري الأبطال للمرة الثالثة هذا الموسم.
ردود الفعل الكتالونية

في المدرجات ووسائل التواصل، عمَّ الغضب بين أنصار برشلونة. تضمنت التعليقات:
- "مرةً ثانيةً يقتل مارشينياك أحلامنا!"
- "احتسب الجزاء لأنهم إنتر، ولم يحتسب لمسة اليد لأنه برشلونة!"
- "الـVAR هنا حجة، لكن الحكم لا يحكم بالإنصاف!"
كما نشرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" تقريراً علق عليه المحلل ميغيل كادينا عبر "تويتر":
"إذا تأكد أن جزاء إنتر مبالغٌ فيه، فإن الخطأ الأبرز يعود للحكم الذي لم يمنح برشلونة ركلةً شرعيةً في الشوط الأول، بحجة 'التماس غير مقصود'. العدالة هي ما نفتقده اليوم."
مقارنةٌ مع واقعة ملحق مدريد
لم يكن هذا أول مواجهةٍ يثير فيها مارشينياك الجدلُ مع عملاقٍ إسبانيٍّ. ففي لقاء ريال مدريد وأتلتيكو قبل أسابيعٍ، ألغى ركلةَ جزاءٍ لخوليان ألفاريز بحجة لمسه الكرة مرتينٍ قبل أن تعبر الشباك، فتبدّد الأمل الملكي في تسجيلٍ كان يُرجى منه بلوغ التعادل.
وتساءل عددٌ من المختصين في "ماركا" عن تناقض تطبيق القواعد: "أين التعسف في احتساب ركلةٍ جزاءٍ لآزولينسي؟ وأين تكافؤ الفرص حين يُلغي وضعٌ مماثلٌ ضد أصحاب الأرض؟"
تأثير الحجج التحكيمية على الموقف التكتيكي
استغل إنتر تسجيل الهدفين مبكراً لاستعراض فلسفة إنزاجي في اعتماد "ضغطٍ مرتدٍ منظمٍ"، ما دفع برشلونة للانكفاء الدفاعي، فتراجع أداء جناحيه – وخصوصاً لامين يامال الذي كبحه ديماركو – وأصبح تركيز البلوجرانا مُنصبًّا على استرجاع الكرة أكثر من البناء الهجومي. إلا أن تراجع التركيز الدفاعي في الشوط الثاني سمح لهما بتسجيل ثلاثة أهدافٍ متتاليةٍ عبر جارسيا وأولمو ورافينيا، قبل أن يحسم أتشيربي وفراتيسي مصير المباراة في الوقت القاتل.
العتاب القانوني والفني

يري بعض خبراء التحكيم أن الحكم البولندي ربما تأثر بضغط المونديال القادم وحرصه على عدم إثارة أزمةٍ جديدةٍ مع الفرق الإيطالية، فيما يقول محللون آخرون إن تأخره في مطالبة تقنية الفيديو ليس إلا "تأخيرًا كفيلًا بقتل التسلسل الهجومي للضيوف".
أشار خبير التحكيم روبيرتو روسيتي، في تصريحاتٍ لصحيفة "لاجازيتا ديلو سبورت":
"الحكم يجب أن يكون أكثر جرأةً في الشوط الأول، فالتقنية لا تتطلب مراجعة كل حالة، بل وضع علامةٍ على ما يحتاج فعلاً إلى مراجعةٍ فنيةٍ حاسمةٍ."
ختام مفتوحٌ على "نوابغ كرة القدم"
على الرغم من خطف إنتر بطاقة النهائي بعد ملحمةٍ دراميةٍ، ستظل الأيام القادمة حافلةً بجدلٍ حول مدى إنصاف التحكيم الكروي: هل كان مارشينياك عادلاً مع برشلونة؟ أم أنه أفتقد روح "الرياضة النزيهة" في التحكيم؟
ويبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للأندية الكبرى أن تتكيف مع "أهواء التحكيم" وكيف تتجنب الوقوع في شرك القرارات المشبوهة؟ وإن استمر الوضع على ما هو عليه، سيشهد دوري الأبطال مزيدًا من النزاعات القضائية والفنية حول تقنية الفيديو وقرارات الحكام، وربما ينعكس ذلك على ثقة اللاعبين وجماهيرهم في منظومة احترافيةٍ يفترض أنها أكثر عدالةً وشفافية.