
قبل آخر مباراة له على ملعب “آنفيلد” مع ليفربول، قفزت رسالة وداعٍ ودعمٍ من الظهير الأسكتلندي أندي روبرتسون إلى قلب الأوساط الكروية، لتلقي الضوء على قيمة شريك دفاعه الإنجليزي ترينت ألكسندر-أرنولد وسط حملة انتقاداتٍ وجماهيريةٍ نادرةٍ في مسيرة الهداف التاريخي للتمريرات الحاسمة بالدوري الإنجليزي. في مواجهة كريستال بالاس الختامية للدوري الممتاز، يواجه ليفربول الأخير من الموسم وهو يحتفي بعملاقين حفروا اسمهما في سجلات النادي العريق.
من الطفولة إلى “شراكة الجناحين”
انضم ألكسندر-أرنولد (26 عامًا) إلى أكاديمية ليفربول في 2004 في سنٍّ لا يتجاوز الرابعة، ونما في أروقة النادي كموهبةٍ استثنائيةٍ على الجناح الأيمن، قبل أن يتحول إلى أحد أعظم الظهيرين في تاريخ البريميرليغ. ومعه، شكّـل روبرتسون (29 عامًا) الداعم المثالي في الجهة المقابلة، فارتبط اسماهما بالشراكة الذهبية التي أضفت دفاعًا هجوميًّا ديناميكيًّا على ليفربول طوال ثماني سنوات. ولطالما نسج الثنائي مفاتيح التمريرات الحاسمة والأهداف، حتى بلغ روبرتسون رقم 67 تمريرةٍ حاسمةٍ بينما صعّد ألكسندر-أرنولد إلى صدارة قائمة الظهيرين الصناع بـ92 تمريرةٍ حاسمةٍ في مسابقة الدوري (Premier League).
خروج صادم وانتقادات لاذعة
ورغم هذه الإنجازات المتراكمة وتسعة ألقابٍ كبرىٍ بينهم دوري أبطال أوروبا (2019) والبريميرليغ مرتين (2020، 2024)، فاجأ بعض أنصار الريدز بإطلاق صافراتٍ استهجانيةٍ تجاه ألكسندر-أرنولد في الجولات الأخيرة. وربط منتقدوه الأخطاء الدفاعية النادرة والأداء المتذبذب للفريق بوجوده الدائم في الملعب، مطالبين المدرب بأخذ خطوةٍ شجاعةٍ بتغييره قبل انتهاء عقده الصيف المقبل وانتقاله إلى ريال مدريد، كما كشفت الصحافة الإنجليزية الأسبوع الماضي.
رسالة “شراكة الجناحين” تنقذ الكرامة

وسط هذا الجدل، كسر أندي روبرتسون حاجز الصمت عبر حسابه في “إنستجرام” برسالةٍ مؤثرةٍ لصديقه الشاب:
“أخي، من أين أبدأ؟ لم يكن اتفاقنا على مقاعد الأكاديمية نتوقعه أن يقودنا إلى هذه المنصات الكبرى. لقد شاهدتك تكبر من طفلٍ إلى قائدٍ في ثماني سنواتٍ، وفزتَ بكل شيءٍ وحفرْتَ ذكرياتٍ رائعةٍ في قلوب عشاق الريدز. شراكةُ الجناحين تُختتم أخيرًا، وأتمنى أن يُعترف بعملك الجاد ولحظاتِ السحر التي منحتنا إياها.”
لم يكن هذا دعاءً شخصيًّا فحسب، بل تذكيرًا فخريًّا بطموحٍ مشتركٍ بين لاعبين دمغا صفحة الإنجازات المشهودة للنادي، وسط موجة التشكيك التي بدت غريبةً على تاريخٍ مليءٍ بالدعم الجماهيري والثقة بالنجوم.
ردّ حميميٌّ يؤجّج المشاعر
شارك ألكسندر-أرنولد الرسالة فورًا عاكسًا تأثره الشديد بكلمات روبرتسون، وأرفقها بتعليقٍ مقتضبٍ:
“شراكة الجناحين ️”
هذه الإيماءة البسيطة، في دقائقٍ معدودةٍ، حوّلت النقاش من مستوى الانتقاد إلى مستوىٍ أعلى، حيث أعادت الجماهير تذكّر اللحظات التي صنع فيها الثنائي “روبرتسون-ترينت” الفارق في ضغطٍ مرتفعٍ وتمريراتٍ لافتةٍ فضّلها مشجعو الريدز على أي أسلوبٍ دفاعيٍّ بحتٍ.
ماذا بعد اعتزال “الجناحين” في آنفيلد؟

تختتم رحلة ليفربول للموسم الحالي بمواجهةٍ صعبةٍ أمام كريستال بالاس، حيث يسعى المدرب أرني سلوت لتكريم الثنائي القديم عبر أداءٍ مشرفٍ يعكس عبء الرحلة الطويلة. وبعدها، تشارك “الكراضة الحمراء” في كأس العالم للأندية، وعددٌ من المؤكد أن “شراكة الجناحين” ستُفتقد في تكوين ليفربول القادم، إذ يتوقع أن يخوض ألكسندر-أرنولد تحديًا جديدًا في ريال مدريد، بينما يبقى روبرتسون في آنفيلد لقيادة الحلم المحلي والأوروبي.
الاعتراف بالجميل وبناء المستقبل
يواجه ليفربول تحدياتٍ ماليةٍ وتنظيميةٍ في بناء فريقٍ جديدٍ، لكن بدون شكٍّ سيبقى إرث “الجناحين” هادياً لكل خطوةٍ مستقبليةٍ. فرغم إقامة تشيلسي ومانشستر يونايتد وإنتر ميلان “حروبًا تكتيكيةً” لاستقطاب المواهب، يبقى الثبات على نسيجٍ شبابيٍّ متكاملٍ بين الدفاع والهجوم أساسًا لإعادة الهيبة على كافة الأصعدة.
وهنا تنتهي قصة “الشراكة الثمينة” في ملحمةٍ شهدنا فيها كيف يُمكن لشراكةٍ كرويةٍ متجانسةٍ بين عاشقين للأحمر أن تبني تاريخًا ويُحتفى به فرضًا إنكار المترددين. وفي انتظار بدايةٍ جديدةٍ بعد غدٍ في مواجهة كريستال بالاس، سينتظر المشجعون ما يقدمه الثنائي متفرّدًا عن “صافرات أنفيلد” التي ما عادت وحدها في تحديد مصائر الأبطال، بل ستبقى شهادةٌ حيةٌ لما حققه ليفربول وهو يتنفس دماءً جديدةً من قلب “شراكة الجناحين”.