في مفاجأة كبرى لراغبي التعاقد مع نجوم شباب أوروبا، وضع سيسك فابريغاس، المدير الفني لنادي كومو الإيطالي، حداً للشائعات المتداولة حول رغبة ريال مدريد في إعادة لاعبه السابق نيكو باز، مؤكداً أن الجوهرة الأرجنتينية ستظل جزءاً لا يتجزأ من مشروع “الليلة البيضاء” على ضفاف بحيرة كومو حتى إشعارٍ آخر.
“لا علم لنا”… العبارة التي أغلقت ملف الاهتمام الملكي
خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد مساء الثلاثاء استعداداً لمواجهة إنتر ميلان الحاسمة في إطار منافسات الدوري الإيطالي، صَبَغ فابريغاس كلماته بوضوحٍ حازم، حين سئل عن العروض القادمة من العاصمة الإسبانية:
“رغبة ريال مدريد في إعادة شراء نيكو باز؟ لا نعلم شيئاً على الإطلاق، إنه لاعبنا ومسألة عودته ليست مطروحة حالياً. ما أعرفه أن اسمه لن يتغيّر في كشوفات كومو طوال الموسم.”
بهذه الجملة، أطفأ المدرب الشاب جميع التكهنات الداعية إلى تفعيل بند إعادة الشراء الذي يتملكه النادي الملكي في عقد باز، والمقدّر وفق مصادر إيطالية بحوالي 12 مليون يورو.
معركة الكبار على شابٍ أرجنتيني… من هو نيكو باز؟
اللاعب المولود عام 2005 في بوينس آيرس، لفت الأنظار منذ انضمامه إلى أكاديمية ريال مدريد قبل عدة سنوات، حيث تنبأ له المراقبون بمستقبلٍ باهرٍ في أروقة “سانتياغو برنابيو”. لكن باحثي “اللوس بلانكوس” تركوه ينتقل صيف 2024 إلى كومو مقابل عقد دائم، مع الاحتفاظ بخيار العودة.
وخلال الموسم الجاري، خاض باز 34 مباراة في الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا، أحرز خلالها 6 أهداف وقدم 9 تمريرات حاسمة، متربعاً على صدارة قائمة صانعي الألعاب ضمن صفوف “الليلة البيضاء”، ما جعل اسمه يتردد بقوة بين قوائم المرشحين لجائزة “الشاب الذهبي” لعام 2025.
كومو يتسلّح برؤية فابريغاس… لماذا لا مكان للرحيل؟
يقدم فريق كومو بقيادة القائد السابق لتشيلسي وإسبانيا مشروعاً فريداً يعتمد على صقل مواهب جيل جديد عبر الحفاظ على استقرار التشكيلة ودمجهم في معترك المنافسة الكبرى. وقد أوضح سيسك:
“نيكو يتمتّع بكاريزما فنية عالية وذكاء تكتيكي نادر الوجود في هذا العمر. لا يمكن أن نُفرّط في لاعبٍ يملك القدرة على قلب موازين المباريات ويحفّز زملاءه.”
يعكس مبدأ “الفابريغاسية” هذا التمسك بفكرة بناء فريقٍ حول نجمٍ شابٍ بدل التسويق لصفقاتٍ بملايينٍ تُضعف التماسك الفني والنغمة الجماعية.
التحدّي المقبل: إنتر وشهادة المقاتل
يستضيف كومو مساء الجمعة نظيره إنتر ميلان في الجولة 37 من “الكالتشيو”، وهي مباراة قد تُحدد هوية بطل الدوري، إذ ينافس الفريقان على اللقب مع نابولي. وسيكون نيكو باز في قلب تلك المعركة الكبرى، وسط أول اختبارٍ حقيقيٍّ أمام فريقٍ يُلقبه عشاقه بـ”النيراتزوري الغاضب”.
وتنبّه الصحف الإيطالية إلى أن أداء باز أمام المراكز المتقدمة سيحدد مدى جاهزيته لمستويات أعلى، لاسيما بعدما أثبت تفوقه على فرقٍ كالياري وفيورنتينا، ونجح في هز شباك مدافعي ميلان ويوفنتوس في لقاءاتٍ سابقة.
رسائل مُبطّنة لريال مدريد
لم يكتفِ فابريغاس بنفي الاهتمام فحسب، بل وجه رسالةً واضحةً إلى إدارة “الميرينغي”:
“أدعو ريال مدريد إلى متابعة تطور اللاعبين من بعيد، وسلمونا عقدهم الدائم كي نضمن اللعب والتطوير قبل أن يعيدوه أعلى قيمة.”
هذا الطرح يُذكّر بالعلاقات القوية التي تربط الناديين، حيث سبق لكومو أن استعان بعددٍ من المواهب الإسبانية في سيناريو متبادل، لكن هذه المرة يبدو أن التمسك بشابٍ صار أولوية قصوى.
النظرة المستقبلية: قاعدة لا غنى عنها
وسط الأجواء المهيبة على ضفاف البحيرة، يُحضّر فابريغاس وطاقمه الفني لورشةٍ تدريبية خاصةٍ للاعبين المهاجمين وصناع اللعب، بهدف تعزيز عامل المفاجأة. ويأتي باز على رأس أولويات تلك الورشة، بفضل قدرته على التمركز خلف المهاجمين وتوزيع الكرات الحاسمة.
وفيما يساهم الإيطاليون بتوفير مناخٍ تنافسيٍ صارمٍ، يستعد اللاعب الأرجنتيني للتحليق عالياً مع “الليلة البيضاء”، بعيداً عن ضغوط سوق الانتقالات وأضواء “البرنابيو” التي قد تغرّ صغار النجوم قبل نضجهم الفني والبدني.
في المحصلة، ثبّت فابريغاس فكرة أن نيكو باز ليس للبيع، وأن طريقته في إدارة المواهب لا تساوم على الاستقرار الفني. وإذا نجح كومو في قلب المعادلات أمام إنتر، فقد يثبت أن المشاريع الطموحة تبنى على ثقة مطلقة في جواهرٍ صاعدةٍ، لا على تبادل بنودٍ تعجيزية ووعودٍ خيالية.
