شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً كبيراً في المفاوضات حول مستقبل المدرب الألماني ماتياس يايسله، الذي قاد الأهلي لتحقيق أول ألقابه القارية في دوري أبطال آسيا لموسم 2024–2025، مما أثار سباقاً بين ثلاث جهات رسمية على ضمه أو الإبقاء عليه ضمن منظومة كرة القدم السعودية.
تنافس ثلاثي بين كبار المستثمرين
أفاد الإعلامي وليد الفراج عبر برنامجه الرياضي أن مزايدات مالية جارية داخل المملكة، يشارك فيها صندوق الاستثمارات العامة، وشركة أرامكو السعودية، وكيان نيوم، بهدف الظفر بخدمات المدرب الشاب (37 عاماً) للموسم المقبل. ويأتي هذا الصراع على خلفية امتلاك الصندوق لنادي الأهلي إلى جانب أندية الهلال والنصر والاتحاد، بينما يتبع القادسية لأرامكو، في حين يرتبط مشروع نيوم بعقود استثمارية طموحة في القطاع الرياضي.
• صندوق الاستثمارات العامة:
يرغب في الاحتفاظ بيايسله ضمن جهاز الأهلي أو نقله إلى أحد فرق المحفظة (الهلال أو النصر أو الاتحاد)، للحفاظ على استمرارية النجاح الفني وتعزيز قيمة الأندية المملوكة له.
• أرامكو السعودية:
تدرس إمكانية ضمه لتدريب القادسية الذي يسعى للعودة سريعاً إلى مصاف أندية الممتاز، مستفيدةً من إنجازاته مع سالزبورج والأهلي.
• نيوم:
تراهن على جلب أنجح الأسماء الأوروبية لترسيخ مشروعها الرياضي الجديد، وتضع يايسله على رأس أولويات التعاقد.
ووجه الفراج رسالة عاجلة لوقف هذه المزايدات على المدرب، عبر تنسيق مشترك بين الجهات الثلاث، تفادياً لأي انعكاسات سلبية على استقرار الجهاز الفني بالأهلي، خاصة أن العقد المبرم ينتهي في 30 يونيو 2026، ومازال هناك موسم كامل يربطه بالقميص الأحمر.
إنجازات مبكرة ومسيرة صاعدة

بدأ يايسله مشواره في عالم التدريب عام 2014 مساعداً في أكاديمية لايبزيج، قبل أن ينتقل للعمل مع رد بول سالزبورج النمساوي، حيث شهدت مسيرته تطوراً سريعاً عندما تولى قيادة الفريق الأول بين 2021 و2023، محرّزاً ثنائية الدوري والكأس مرتين على التوالي. وقدمت تجاربه الأوروبية نموذجاً في الابتكار التكتيكي وبناء جيلٍ شاب، ما جعل اسمه يتردد بقوة في سوق المدربين الواعدين.
مع الأهلي، نجح المدرب الألماني في تحقيق دوري أبطال آسيا للمرة الأولى بتاريخ القلعة الخضراء، مستنداً إلى مزيج من الضغط المتوازن والتوجه الهجومي المنظم، ما منح جماهير جدة أملاً في استعادة البطولات القارية والوطنية.
موقف إدارة الأهلي وجماهيره
رغم النجاح اللافت، كانت هناك لحظة شك في بدايات الموسم حين اقتربت الإدارة من إقالة يايسله بسبب تذبذب النتائج محلياً، قبل أن يتدخل تيار من الأنصار ويضغط لإبقائه. وقد انعكس ذلك إيجاباً بعد تتويجه باللقب الآسيوي، ما رفع أسهمه لدى الهيئة التنفيذية وزاد من رغبته في مشروع طويل الأمد.
وفي ظل المزايدات المطروحة، يسعى الأهلي إلى بسط سيطرته على ملف المدرب من خلال تقديم حزمة حوافز مالية إضافية وضمانات بقطاع الدعم الفني واللاعبين الجدد، لقطع الطريق أمام أي جهات خارجية تحاول استقطابه.
سيناريوهات رحيله أو بقائه

يمكن اختصار الخيارات على النحو التالي:
1. تمديد العقد مع الأهلي:
منح يايسله خطةً واضحة لدعم الفريق بالميركاتو الصيفي واستثمار أكاديمية النادي، مع تعزيز صفوف الفريق لشق مسار الدفاع عن لقب الأبطال القارية.
2. انتقال إلى القادسية:
فرصة لإحداث صدمة في الدرجة الممتازة والعودة سريعا إلى الأضواء، مع دعم لوجستي ومالي من أرامكو.
3. تولي مشروع نيوم الرياضي:
تجربة جديدة في بيئة استثمارية ضخمة وطموح لبناء فريق نموذج تحت قيادة ألمانية حديثة.
ماذا ينتظر يايسله والسعودية؟
في ظل التركيز الإعلامي والضغوط الجماهيرية، يبدو أن نهاية هذا الملف مرتبطة بقرارات عليا في صناديق الاستثمار والمجالس الإدارية للأندية. بالنسبة ليايسله، يمثل الموسم المقبل محطة حاسمة لتعزيز سمعته الدولية، سواء أتم اختياره البقاء مع الأهلي أو انتقل إلى تحدٍّ جديد في مشروع نيوم أو أرامكو.
من الناحية التسويقية، فإن استمرار المدرب الشاب في السعودية سيدعم الأهداف الاستراتيجية لإبراز الدوري أمام العالم، بينما رحيله سيكون اختباراً للقوة التنافسية بين الجهات الرسمية وقدرتها على الاحتفاظ بالمواهب القيادية. وبينما الأيام القليلة القادمة ستكشف الخيوط الحاسمة، يبقى السؤال الأكبر: هل سينجح الأهلي في حماية معلمه الألماني من مغريات التمويل الخارجي، أم سينتهي الأمر بظهوره في قمصان أخرى تحمل شعارات استثمارية جديدة؟