أرقام كييزا المتواضعة وبريق صلاح الساحق
على الرغم من أنّ كييزا انتقل الصيف الماضي إلى قلعة الريدز بعقد يمتد حتى يونيو 2028، إلاّ أنّ مشاركاته مع الفريق لم تتجاوز 13 مباراة بجميع المسابقات، سجّل خلالها هدفين وصنع هدفًا وحيدًا. هذا الأداء الباهت يتناقض مع تألّق النجم المصري محمد صلاح الذي حطّم القلوب والملاعب، متصدرًا جدول هدافي الدوري الإنجليزي بـ25 هدفًا، إضافة إلى 15 تمريرة حاسمة، مما جعل الحظوظ لصالحه في جائزة الكرة الذهبية تفوق جميع زملائه في الهجوم.
ووسط هذا المشهد، تصاعدت أنباء عن رغبة نابولي في الاستفادة من سرعة ومراوغات كييزا بإعارته إلى ملعب “دييغو أرماندو مارادونا” حتى نهاية الموسم، في خطوة يُفترض أن تُعيد إليه الانتظام والجرعات الثقة قبل خوض يورو 2025. لكن وكيل اللاعب وضع حدًا لهذه التكهنات، رافضًا بشدّة فكرة الرحيل عن ليفربول حتى لو كان في صورة إعارة.
كيف بدأت شائعة نابولي؟
نشرت صحيفة “لا جازيتا ديللو سبورت” تقريرًا مفصّلًا تشير فيه إلى أنّ مسؤولي نادي نابولي فتحوا قنوات تواصل مع وكيل كييزا بعد وقف تحديث عقد الأخير في نابولي عام 2022، مُسلّطين الضوء على إمكانية استقدامه لفترة قصيرة لتعويض الإصابات التي ضربت هجوم الفريق هذا الموسم. ووفقًا للتقرير، جاء الرد الأولي إيجابيًّا من جانب اللاعب، مشيرًا إلى رغبته في التواجد بأجواء الملاعب الإيطالية مجددًا. لكن هذه الرواية اصطدمت سريعًا بردٍّ قاسٍ من جهة اللاعب نفسه.
توضيح “راي”… كل شيء افتراضي!
وصلت محطة “راي سبورت” الإيطالية إلى مصدر مقرّب من كييزا، الذي أكّد حرفيًا:
“الوضع منذ البداية كان خاليًا من أي مفاوضات رسمية. وكيل فيديريكو لم يصل إليه أي خطاب من نابولي، والريدز أيضًا لم يتلقَّوا عروضًا من جهة الجنوب. الأخبار المتداولة مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة.”
وهنا، يبرز الوجه الآخر للأزمة: ليست هناك جلسات في روما أو نابولي، ولا وفد رضّي أو محاضرات فنية حول كيفية استعادة اللياقة. بل أن كييزا متمسك بتحدي مقعده، مؤمنًا بأنّ القتال أمام صلاح وساديو ماني وغيرهم سيزيد من خبرته وقدراته الفردية.
دوافع كييزا للبقاء… أكثر من مجرد عقد
يبدو أنّ دوافع اللاعب الإيطالي تتجاوز الأموال أو الجنسية. فازدهاره تحت أضواء “آنفيلد” يراه فرصة ذهبية لصقل شخصيته الكروية والبدنية في أقوى دوري بالعالم. ومع اكتمال «تشكيلة الأحلام» في ليفربول بقيادة يورغن كلوب، يدرك كييزا أنّ البقاء رغم صعوبة تحقيق دقائق لعب منتظمة يمنحه:
1. التدرب يوميًا مع نخبة العناصر:
بين هجومٍ غزير يضم صلاح، ووريّثه سلاح المراوغة، يكتسب دروسًا قيّمة في كيفية التحرك بدون كرة والتكيف مع الأدوار التكتيكية.
2. استمرارية الظهور الإعلامي:
شبكة العلاقات الإعلامية والاجتماعية في آنفيلد تضخّ للاعب شهرةً لا تضاهيها المنتخبات المحلية أو الأندية الأصغر.
3. فرصة المنافسة الأوروبية:
التتويج بدوري أبطال أوروبا هو الهدف الأسمى لليفربول، ومشاركة كييزا في هذه المعارك القارية يُعدّ عاملًا محفزًا لأي لاعب طموح.
مستقبل كييزا… هل تتغير المعطيات؟
رغم تمسّكه الراهن، يبقى الباب مفتوحًا مع نهاية الموسم أو في كانون الثاني المقبل، لأن انتقالات الإعارة غالبًا ما تحدث في فترات معينة. لكن إن صحّ أنّ وكيله أغمض الأبواب أمام نابولي، فهل سينهار البرج الأسطوريّ لشائعات الرحيل، ويُعوّض كييزا غياب المشاركة بغزارة التمارين والجلسات الفنية؟ أمّ أن ثقة كلوب بإمكاناته ستُفتح الطريق أخيرًا أمام دقائق حقيقية على أرض الملعب؟
ختامًا…
في انتظار الإجابة، تتجه الأنظار إلى دورة المباريات المتواصلة التي تنتظر الريدز على الأصعدة المحلية والقارية. ومهما كان السيناريو، يبقى “قصر مقاعد البدلاء” في ليفربول تحديًا حقيقيًا لكل لاعبٍ صغيرٍ أو كبير، ولا سيما لأولئك الوافدين الجدد الذين يفتقدون سنوات من التعايش مع الفلسفة الريدزية.
ختامًا، يمكن القول إنّ الدهشة التي انتابت جمهور الساحرة المستديرة بعد “نبأ نابولي” سرعان ما تلاشت أمام “حسم الوكيل” لبقاء كييزا في إنجلترا. والدرس الأبرز هنا أنّ رغبة اللاعب في الانغماس داخل أشرس دوري بالعالم قد تغلبت على إغراء العودة إلى الديار الإيطالية، حيث تُطوى صفحات الشائعات سريعًا أمام حماس اللاعب وإصراره على نيل فرصته في أكبر المسارح الكروية.
