في واحدة من أكثر المشاهد تأثيراً في تاريخ ملعب آنفيلد، خرج نجم الريدز ترنت ألكسندر-آرنولد للدقائق الأخيرة من مشواره مع ليفربول، ليشهد عالم كرة القدم لحظة وداع مؤثرة انتهت بانهيار الظهير الأيمن بالدموع، قبل أن يتهيأ للخطوات المنتظرة نحو القميص الأبيض لريال مدريد الإسباني.
مشهد لا يُنسى في ختام الدوري الإنجليزي
شهدت مباراة ليفربول وكريستال بالاس، التي انتهت بنتيجة 1-1 في الجولة الختامية من الدوري الإنجليزي الممتاز، الوقفة الشعورية الأكبر في مسيرة ألكسندر-آرنولد (26 عاماً).
دخل اللاعب بديلاً في الشوط الثاني وسط تكالب المشاعر نحو وداع ملحمي على “آنفيلد” الذي احتضنه منذ كان في السادسة. وعند صافرة النهاية، لم يتمالك قلبه الصغير أمام عظمة الجمهور والحضور الجماهيري الذي بات اليوم يبكي رحيله قبل رحيله فعلياً.
من دقيقتين على أرض الملعب ودموع تتساقط، إلى احتضان العائلة التي هرعت إلى الملعب لدعمه وتخفيف وقع الفراق، رسمت هذه اللحظات صورة حية تؤكد مدى الارتباط الروحي والوجداني بين ترنت والنادي الذي صنع منه واحداً من أفضل الأظهرة في العالم.
رحلة نجم "أكاديمية الميرسيسايد" نحو العالمية
صعد ألكسندر-آرنولد من صغره في أكاديمية ليفربول، مروراً بالفئات السنية، حتى دخل تشكيلة الفريق الأول عام 2016. ومنذ ذلك الحين، بدأ الرجل المتعدد المواهب يمارس دور صانع الألعاب من موقع الظهير، فصنع المئات من التمريرات الحاسمة وساهم بشكل مباشر في الألقاب المحلية والقارية التي حققها الفريق:
- تتويجات محلية وأوروبية: أربع بطولات دوري إنجليزي، ثلاث كؤوس كاراباو، ودوري أبطال أوروبا 2019.
- إبداع على الرواق الأيمن: أكثر من 100 تمريرة حاسمة مع الريدز في جميع المسابقات، لتتحول تسديداته العرضية إلى علامة فارقة في أسلوب اللعب.
- المنتخب الإنجليزي: أكثر من 30 مباراة دولية، وسجل أهدافاً حاسمة في تصفيات يورو 2020 وتصفيات كأس العالم 2022.
كل هذه الإنجازات لم تمنع استشرافاً مبكراً لتحرك جديد، إذ أعلن الظهير الذي بات حديث الصحافة الرياضية العالمية رحيله بنهاية عقده المجاني هذا الصيف، ليوقِّع كسابقٍ مجاناً مع ريال مدريد، في خطوة وصفها الكثيرون بأنها الصفقة الأكثر إثارة في الصيف المقبل.
تصريحات تنتزع القلوب
بعد صافرة النهاية، عبر أرنولد عن عقدة المشاعر قائلاً:
“ليفربول هو بيتي الأول، ومهما أرقىت الكلمات، لن أتمكن من رد الجميل الذي منحني إياه أنفيلد منذ أن كنت طفلاً. أتمنى أن يدرك المشجعون كم بذلت من جهد وألهمتهم بلمساتي على مر السنوات.”
وأضاف:
“لم أشعر بمثل هذا الحب من قبل، والدموع هي رد فعلي الطبيعي أمام هذا الوداع. الآن، أتطلع إلى تحدٍّ جديد في مدريد، لكن لن يخرج اسمي أبداً من تاريخ ليفربول وجماهيره العظيمة.”
رحيل مجاني ووجهة الأحلام
من المتوقع أن يُعلن ريال مدريد قريباً توقيع العقد الرسمي مع أرنولد، الذي ينتقل مجاناً إلى العاصمة الإسبانية. النادي الملكي يرى فيه إضافة أسطورية لأجل القتال على ألقاب دوري الأبطال وكأس العالم للأندية التي تستضيفها مدن الشرق الأوسط خلال العام المقبل.
ويرى الخبراء أن موهبة الظهير الإنجليزي، بخصوصيته في بناء اللعب وتحويل الدفاع لهجوم، ستمنح ريال مدريد مزيداً من التنوع التكتيكي تحت قيادة كارلو أنشيلوتي أو خليفته المحتمل. كما ستعيد صانع الألعاب المبتكر إلى قلب ملعب سانتياجو برنابيو، فتزدحم الجماهير لتوديع فن جديد يضيفه إلى جدارية “الميرينغي” العريقة.
مشاعر الجماهير تختلط بين الحزن والتفاؤل
على مواقع التواصل الاجتماعي، تهاطلت التعليقات المؤثرة:
- “لن ننسى صوته يعلن العرضيات على آنفيلد”
- “وداع ترنت هو وداع لجزء من أحلامنا”
- “بالتوفيق في مدريد، أنت ابن ليفربول إلى الأبد”
أما في الحانات القريبة من آنفيلد، فقد تعالت هتافات المشجعين: “ترنت يا أسطورة”، وسط لافتاتٍ صممت خصيصاً تحيةً للنجم الراحل وبوسترات تجمع بين أسود أحمر وشعار ريال مدريد، تعبيراً عن امتزاج المشاعر في وداع البطل.
نظرة مستقبلية: من أنفيلد إلى البرنابيو
ينتظر الجميع مشاهدة كيف سيؤدي أسلوب ترنت المتقدم من الرواق الأيمن ضمن تركيبة الفريق الملكي. المنتظر هو أن يشارك الظهير الحراري في كأس العالم للأندية، ثم يبدأ رحلة العودة إلى أقوى بطولة للأندية في العالم عبر دوري أبطال أوروبا.
رغم الحزن الشديد الذي أبداه حين ودع آنفيلد، لكن هذه الدمعة تعني أيضًا ولادة فصلٍ جديد في تاريخ أحد أفضل الأظهرة الحديثين. ومع توقيع العقود والمراسم الرسمية في الأيام المقبلة، سيبدأ مشوار “أمير الميستايا” — كما أطلق عليه بعض المشجعين لثقته في المباريات الكبيرة — بجناحٍ جديد على رمال مدريد، عاقداً العزم على كتابة أسطورة أخرى في سجل الأبيض الملكي.
الخاتمة: أسطورة ترحل… وأخرى تبدأ
في الختام، يبقى ترنت ألكسندر-آرنولد في ذاكرة ليفربول وجماهيره كبطلٍ صنع الفارق ومنحهم لحن الفوز من الرواق الأيمن، قبل أن ينطلق بحثاً عن مجدٍ قاري جديد تحت قبة سانتياجو برنابيو.
الوداع لم يكن نهاية، بل بداية لفصلٍ آخر من مسيرة لاعبٍ لم ينتهِ بعد، بل يتجدد في مكانٍ جديد.
