انطلاقة خارقة ومهارات تهديفية فذة
عندما خاض يامال مباراته الأولى مع الفريق الأول لبرشلونة في أغسطس 2023 ضد ريال سوسيداد، تبيّن أنه لا يملك توهجًا شبابيًّا عاديًّا؛ بل كان له القدرة على المفاجأة في كل لمسة للكرة:
- سرعة لا تُصدّق: تجاوز في أول مباراة حيوده الدفاعية وأطاح بظهيري الفريق الخصم بلمح البصر، مسجّلًا جملةً من مراوغاتٍ تحمل توقيع أفضل لاعبي العالم.
- رؤية تمرير شاملة: سجّل 4 تمريرات حاسمة في أول 10 مباريات—معدلٌ يعادل أحيانًا ما ينجزه ميسي في نصف موسم كامل.
- أرقامٍ قياسية في أوروبا: في مشاركاته مع منتخب إسبانيا تحت 17 عامًا، احتل المركز الأول بمتوسط الأهداف المُسجَّلة في البطولة القارية (0.65 هدفًا لكل 90 دقيقة)، متقدمًا على أرقام نجومٍ سبقوه مثل كريستيانو وميسي في سنه.
مقارنة مع الأساطير: الموهبة المطلقة أم إفراط التوقعات؟
لطالما حُصر الحديث عن أفضل اللاعبين في مصاف ميسي ورونالدو؛ فالأول جمع 7 كرات ذهبية وجعل “باصيفيكو” ملعبَه، والثاني حطّم سقف أرقام التهديف الأوروبي ووصل إلى 6 كرات ذهبية. لكن يامال دخل الميدان بتميزٍ مختلف:
- التأثير المباشر في المباريات القوية: في مواجهة إياب نصف نهائي دوري الأبطال 2024–2025 أمام إنتر ميلان، صنع يامال هدفين قاتلين وأضاف هدفًا ثالثًا حرمه التعادل النيرازوري من التأهل، في 120 دقيقة جمع فيها الإبداع بالهدوء تحت الضغط.
- التنويع الفني: يزن الصغير بين لعب الجناح الأيسر والرقم 10 الانطلاق خلف المهاجم الصريح، وهو ما يُسجل في رصيده 8 أهدافٍ و9 تمريرات حاسمة قبل أن يبلغ 18 عامًا، فيما حقق ميسي 5 أهداف و4 تمريرات حاسمة في موسمٍ مماثلٍ مع برشلونة (2004–2005)، وCR7 سجل 6 أهداف دون تمريرٍ حاسمة في أول موسم كامل له مع مانشستر يونايتد (2003–2004).
- انضباط تكتيكي: رغم هجومه المبكر، يُظهر يامال درجة عالية من الالتزام التكتيكي عن سنه؛ إذ يركض بمعدل 11 كيلومترًا في المباراة الواحدة، ما يعادل متوسط لاعبي وسط الميدان المحترفين، ويعود سريعًا للدفاع عند فقدان الكرة.
رأي الخبراء والأساطير

قدّم ريو فيرديناند، زميل رونالدو السابق في مانشستر يونايتد، تقييمه لصعود يامال عبر تصريحٍ مثيرٍ في ندوةٍ صحفية قائلاً:
“لست أبالغ إذا قلت إن يامال يملك رؤيةً تكتيكيةً وتمريرًا ينمّ عن نضجٍ لم نره عند ميسي أو رونالدو في مثل هذه السن. هم أساطيرٌ لا يمكن إنكار ذلك، لكن اللاعب الإسباني قد يتفوّق عليهم إذا استمر بالتطور بالمعدل الحالي.”
من جانبها، أكّدت صحيفة “ماركا” الإسبانية أن يامال دخل ملعب “كامب نو” وهو يحمل ثقل 1.7 طن من التراث الكتالوني، وأثبت أن لكلٍ جيلٌ أسطورته الخاصّة؛ فقد انتمى لجيلٍ يطلب السرعة والقوة والتقنية العالية في آنٍ واحد. كما أشارت “موندو ديبورتيفو” إلى أن اللاعب أضاف للبرسا لمسةً عصريةً في اللعب بين الخطوط تُذكّر بأفضل نسخٍ لميسي في الذروة الفنية.
الطريق إلى الألقاب: من الصدارة المحلية إلى عرش أوروبا

الأهداف الكبيرة التي يحدوها يامال الآن هي:
- دوري الإسباني: يتصدر برشلونة الترتيب بفارق 4 نقاطٍ قبل ثلاث جولات من النهاية، ويملك يامال حظوظًا كبيرةً في إحراز لقب الهداف أو صانع الألعاب.
- دوري أبطال أوروبا: برشلونة على أعتاب نهائيٍ قاري، ويامال سيشارك في تحديد مصير البطولة بإبداعه أمام أعرق الفرق.
تحليلياً، يمثل برشلونة حالياً ثالث أفضل هجومٍ في أوروبا (2.4 هدفًا في كل مباراة)، ويشارك يامال في أكثر من 40% من صُنع الفرص الخطيرة للفريق، نسبةٌ لم يصل إليها نجمٌ في مثل سنه من قبل.
خلاصة: ملامح أسطورة في طور التكوين
بينما يمتلك ميسي ورونالدو سيرتين ذاتيتين تحفلان بالتتويجات والقاب التتويج وسجلات التهديف، يستعد لامين يامال لكتابة فصله الخاص به:
- عمرٌ مبكر: تجاوز سقف التوقعات قبل 18 عامًا.
- إحصائياتٌ متفوقة: تفوق في بعض المؤشرات عن أساطيرٍ معاصرين في مواسمِهم المبكرة.
- دعمٌ تكتيكيٌ وفنيٌ: ثقة تشافي وفريق التدريب في قدرته على حمل مركز قيادة الفريق الهجومي.
هكذا، لا يعود الحديث عن “من الأفضل”، بل عن جيلٍ جديدٍ قد يساهم في إعادة تعريف مفاهيم التطور الفني للكرة الأوروبية، ويعيد البوصلة إلى شبابٍ يمتلكون خليطًا من السرعة والمهارة والانضباط في آنٍ واحد. وفي النهاية، يتوقف الأمر على مدى قدرة يامال على المحافظة على مستواه ورفع سقف طموحاته، كي يصبح الاسم الثالث في معادلةٍ أسطوريةٍ تخلّد الأبدية في نشيد كرة القدم الحديثة.