شهد ملعب كينغ باور معقل ليستر سيتي نهاية مأساوية لمهاجم نوتنجهام فورست تايو أونيي، بعدما تعرض لإصابة خطيرة استدعت نقله إلى غرفة العمليات ووضعه في غيبوبة اصطناعية. التفاصيل التي سبقت الحادثة والرد الرسمي للنادي تكشف حجم المخاطر الجسدية التي يتعرّض لها لاعبو كرة القدم، وتؤكد أهمية الأولوية المطلقة لصحة الرياضيين على أرض الملعب.
اللحظات الحرجة قبل الإخلاء الطبي
رغم تلقيه العلاج الأولي من الجهاز الطبي للنادي في العشب الأخضر واستئناف اللعب لبضع دقائق – معتمدًا على عزيمة فائقة وتوقف التبديلات – إلّا أن الأعراض تفاقمت سريعًا. وتشير شهادات زملائه وأفراد الطاقم أن أونيي بدا شاحب اللون يعاني من صعوبة في التنفس ودوارٍ حاد، ما دفع الأطباء لاستدعاء سيارة إسعاف على وجه السرعة. وُضع اللاعب تحت تقنية التهوية الاصطناعية فور وصوله إلى المستشفى، تمهيدًا لجراحة بالبطن أعلن بعدها عن نجاحها نسبيًا ولكن برغبة الفريق الطبي في إبقائه في حالة غيبوبة اصطناعية لعدة أيام لتجنب أي تحرّك مفاجئ يضر بخياط الجرح الداخلي.
بيان رسمي يبرز قلق المالك والطاقم الطبي
سارع نوتنجهام فورست إلى إصدار بيان مطول كشف عن تدخل مالكه اليوناني، إيفانجيلوس ماريناكيس، لمتابعة حالة أونيي لحظة بلحظة، مؤكدًا أن "صحة اللاعب وسلامته تأتيان قبل أي اعتبار رياضي أو جدول زمني". وأضاف البيان:
"عندما رأى ماريناكيس مدى الألم الذي كان يعانيه تايو، لم يستطع البقاء بعيدًا، فقد كان تدخله غريزيًا وإنسانيًا. وهذا يعكس عميق المودة والمسؤولية التي يحملها تجاه أفراد عائلتنا الكبيرة".
وتطرّق البيان إلى حقيقة عدم وقوع أي صدام لفظي أو خلاف مع المدرب نونو سانتو أو الطاقم الفني، بل إن إحباط الجميع جاء من قرار السماح لاستمرار اللاعب بعيدًا عن طاقم الرعاية داخل أرضية الملعب، وهو ما لن يتكرر مستقبلًا.
القاعدة الصارمة وأولوية الحياة
يذكّر هذا الحدث بمبادئ الليغا والدوري الإنجليزي القاضية بإيقاف المباراة وإخراج اللاعب فور ملاحظة أي علامة على تهدّد للحياة أو إصابة داخلية خطيرة. وقد أثارت سرعة نقله للخارج النقاش حول مدى جاهزية الفرق ومدى كفاية عدد الأطباء في الملاعب للتعامل مع مثل هذه الحالات. يعتزم الاتحاد الإنجليزي مراجعة البروتوكولات الخاصة بالفتحات الطبية والتجهيزات الطارئة، بعد تكرار حوادث مشابهة في المواسم الأخيرة.
ردود فعل الجماهير وزملاء الملعب
لم يقتصر التأثر على مقاعد البدلاء والصرخات التي دوّت في أرجاء الملعب، بل امتدت إلى الشوارع والأسواق، حيث استيقظ مشجعو فورست على نبأ وضع نجمهم في العناية المكثفة. وتداول جمهور “البراعم الحمراء” هاشتاجات تدعو للدعاء لأونيي والتعبير عن تضامنهم مع عائلته، كما تناقلت بعض الصحف المحلية مطالب بتخصيص ممرات شرفية لسيارة الإسعاف خلال خروجها من الملعب تخليداً لهذه اللحظات الصعبة.
مخاطر الإصابات الداخلية في كرة القدم
تأتي هذه الحالة لتفتح ملف الإصابات التي لا تظهر بالضرورة كسحجات أو التواءات، بل كورم داخلي في الأعضاء الحيوية نتيجة اصطدامات عنيفة. وقد حذّر خبراء الطب الرياضي من أن "أي ضربة قوية في منطقة البطن قد تؤدي إلى نزيف داخلي يتفاقم سريعًا"، مستشهدين بحالات شهدها الدوري الإيطالي والإسباني قبل سنوات. ويُرجّح أن يخضع أطباء أونيي لتدريب إضافي على استخدام تقنيات المسح الفوري (Ultrasound) في الملاعب لتشخيص مثل هذه الإصابات بشكل أسرع.
خارطة الطريق المقبلة
أكد النادي أن حالة اللاعب "مستقرة نسبيًا" وأن الغيبوبة الاصطناعية تستمر لحماية الجرح الداخلي وضبط دقّات القلب والتنفس. وينتظر أن يمنحه الطاقم الطبي راحة تامة في العيادة لمدة أسبوعين قبل البدء في إعادة تأهيل تدريجي، تشمل تمارين تنفسية وجلسات في المسبح لتقوية عضلات البطن دون الإجهاد. وسيكون الثنائي الطبي في اتصال دائم مع أسرته لتقرير موعد الاستيقاظ من الغيبوبة بناءً على تحسن قدرات الدماغ على التواصل.
في غضون ذلك، يستعد نونو سانتو لملء فراغ المقعد الأمامي عبر الاستعانة ببدلاء من فريق الشباب، وسط مخاوف من تأثير غياب تايو أونيي على خط الهجوم وقدرته على استعادة الرصيد التهديفي الحاسم في سباق البقاء أو المنافسة الأوروبية. وبغض النظر عن النتائج الرياضية، تبقى الأولوية الآن أن يعود الجناح النيجيري سالماً ومعافى، حاملاً معه عبرة صعبة حول خطورة كرة القدم حينما تتقاطع مع قوانين الفيزياء والحدود المأمونة للجسد البشري.
