
إرهاب نفسي في «أولد ترافورد»
في بودكاست SDS الشهير، استحضر اللاعب الفرنسي باتريس إيفرا الذكريات التي عاشها تحت قيادة السير أليكس فيرجسون خلال حقبة ذهبية في تاريخ مانشستر يونايتد، مشيراً إلى أن طريقة تعامل المدرب الأسطوري مع اللاعبين كانت:
“قاسية” إلى درجة قد تؤدي به اليوم إلى المثول أمام المحاكم لو تكررت.
وأوضح إيفرا أن الصيحات الحادة والمعاملة العنيفة كانت جزءًا يوميًا من الروتين داخل النادي، وقال:
“إذا كان فيرجسون يدرب الآن، لكان قد وُجهت إليه تهم الاعتداء اللفظي وربما الجسدي، ولم ينجُ من العقوبة.”
انضمامه إلى مانشستر يونايتد… وثقافة الذئاب
انضم باتريس إيفرا إلى مانشستر يونايتد في صيف 2006، ليكون شاهداً عياناً على عظمة النادي تحت قيادة فيرجسون، والتي تُوّجت بـ38 بطولة رسمياً، من بينها 13 لقب دوري إنجليزي ودوري أبطال مرتين.
لكن ما لم يُروَ كثيرًا هو الجانب الآخر من القصة: البيئة التي وصفها إيفرا بأنها «ثقافة الذئاب» حيث:
- كان على اللاعب إثبات قدراته النفسية أولًا.
- الضعف النفسي يعني فقدان مكانه في الفريق أو غرفة الملابس.
وقال إيفرا:
“كنا في غرفة تبديل الملابس أشبه بقطعان حيوانات؛ الضعيف يُستبعد، والدموع لا مكان لها بيننا.”
حادثة الحذاء الغامضة… والضرب بالقوة
من أكثر اللحظات التي لا يمكن لإيفرا نسيانها، هي ركلة الحذاء الشهيرة التي أطلقها فيرجسون تجاه ديفيد بيكهام عام 2003 بعد خسارة نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام أرسنال.
وعندما سُئل عن دور الحادثة في تشكيل نظرة اللاعبين لمعنى الانتماء، أجاب:
“كان فعل شرير، لكنه كان يخاطبنا بلغة القوة المطلقة، ليست دعوة للتفوق فحسب، بل لنشر نوع من الرعب الإيجابي داخل نفوسنا.”
روني وويلبيك بين نارين
لم يكتفِ فيرجسون بصياحاته في أوقات الضغط المباشر، بل امتدت أساليبه إلى المواقف اليومية وحتى رحلات الفريق، كما حدث مع واين روني وداني ويلبيك في مباراة ودية.
استدعى فيرجسون اللاعبين إلى الحمام بعد المباراة فقط لينتقد روني لانفراده بتنفيذ ركلة الجزاء بدل أن يتركها لزميله الأصغر سنًا ويلبيك، رغم أن اللقاء كان وديًا.
علق إيفرا:
“كان يسير خلفنا في أروقة الاستاد صارخًا: من تظن نفسك لتأخذ ركلات الجزاء مع الفريق الأول؟!”
الروح القتالية أم العنف النفسي؟

يرى بعض خبراء علم النفس الرياضي اليوم أن الضغوط التي مارسها فيرجسون نجحت في توليد روح قتالية داخل الفريق، لكنها بالمقابل:
- أثرت سلبًا على الجانب النفسي لبعض اللاعبين، خصوصًا الشباب منهم.
- تتعارض مع المعايير الحديثة لحقوق اللاعبين.
وترى شركات رياضية أن تلك الأساليب لم تعد مقبولة في العصر الحديث، حيث باتت حقوق اللاعبين وحريتهم النفسية محل:
- حماية قانونية.
- وأخلاقيّة.
إرث متناقض
لا يمكن إنكار أن فيرجسون بنى واحدة من أنجح الفترات في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، لكنه في الوقت ذاته رسم صورة للمدرب “المسيطر” التي تصطدم اليوم بمعايير جديدة للقيادة الرياضية، تقوم على:
- التحفيز الإيجابي.
- التعاون بين اللاعبين والإدارة.
يضيف إيفرا:
“هو أعظم مدرب رأيته على الإطلاق من حيث النتائج، لكن لو كان يقوم بصرخاته وأفعاله تلك الآن، لكان يواجه دعاوى من اتحاد اللاعبين وربما إجراءً قانونيًا.”
نظرة المستقبل… هل يجب إعادة تقييم أسطورة فيرجسون؟

يطرح ما قاله باتريس إيفرا نقاشاً أوسع حول كيفية إدارة اللاعبين في الأندية العالمية الكبرى. فبينما يرفع البعض من قيمة الأساليب الصارمة والصرامة التكتيكية، يدعو آخرون إلى:
- إدخال مفاهيم جديدة في العلاقات الإنسانية داخل الرياضة.
- إعادة النظر في تقييم الماضي عبر عدسات العصر الحديث.
ومن المؤكد أن تصريحات إيفرا ستفتح الباب أمام مراجعة شاملة لتاريخ فيرجسون على ضوء المعايير المعاصرة لحقوق الإنسان والسلامة النفسية.
في الختام… أسطورةٌ لا تخلو من الظل
يبقى السير أليكس فيرجسون شخصًا معقدًا:
- أسطورة تثقل سجل عهده بألقاب لا تحصى.
- ورمز لأساليب تدريبية باتت – في نظر البعض – مرهقة نفسياً ولا تنسجم مع قيم العصر الحديث.
وفي ظل هذه التساؤلات، يبقى السؤال مفتوحاً:
هل نُقدّر الماضي بما له وما عليه، أم نعيد تفسيره وفق معايير الحاضر؟