في مشهدٍ لا ينسى ضمن أعنف فصول التنافس الدامي بين جارتين متنافرتين على ضفتي مانشستر، دشّن أنصار ليفربول حملةً مدروسةً استهدفوا من خلالها إسكات عبّاقرة “أولد ترافورد” بلافتةٍ تبدو كصفعةٍ صاعقة على الخد: “مانشستر، تبعد 37 ميلاً فقط عن النادي الأكثر نجاحاً في البلاد”.
68 ألقاباً كبرى… وصمتٌ صادم في القلعة الحمراء
بعد تتويج ليفربول بلقب الدوري الممتاز للموسم 2024–2025، ارتفع رصيد “الريدز” من الألقاب الكبرى إلى 68 لقباً، متجاوزين بذلك مانشستر يونايتد برصيد 67 بطولة (20 دوري إنجليزي، 12 كأس إنجلترا، 9 كأس رابطة، 6 ألقاب أوروبية وغيرها). كسر رقمٍ طالما شكّل تاجاً باهراً فوق نياشين اليونايتد لم ينجح أحفاد السير أليكس في الدفاع عنه، فتسابق المشجعون باسميْ “The Anfield Wrap” لوضع رسالةٍ لاذعة على الطريق A56 الشرياني المؤدي مباشرةً إلى ملعب أولد ترافورد.
تدلّ الإحصائيات التاريخية على أن الصراع بين الناديين لا يقتصر على سباق الضاحية الشمالية، بل يتخطى حدود المدينة ليغدو إرثاً يمتد لأكثر من قرنٍ من الزمن (تأسس اليونايتد 1878، والريدز 1892). وفي معركة الألقاب التي لم تضع لها نهاية، أصبح “الأنفيلد” المصدر الأبرز للمدرجات الساخرة، بعد أن وقع الرقم في مصلحة أصحاب القمصان الحمراء.
دموع الشياطين الحمر والغضب المكبوت
حين اقتنع أنصار مانشستر يونايتد بأن الكبرياء أُهين في جولة “الدنياوي”، لم يتحلّق طائر الإنقاذ سريعاً فوق مسرح الأحلام. بل شهد النادي موجةً من التذمّر على منصّات السوشيال ميديا، حيث سخرت جماهير اليونايتد من اللافتة ومضامينها “العلنية” عند مدخل أزقة الملعب التاريخي. وانهالت التغريدات التي جمعت هاشتاجات #مانشستر_أبعد_من37 ميلاً و#الأكثر_نجاحاً_ليست_مجرد_كلام.
لكن مشاعر الغضب هذه لم تكن مفاجئةً؛ فمنذ رحيل السير أليكس فيرجسون وغياب لقب الدوري المحلي، فشل “الشياطين” في ردّ الاعتبار لأحفاد “الميرسيسايد”، وبدت مخاطبات المدرجات أشبه بمعركةٍ نفسيةٍ طويلة الأمد.
سلوت والعهد الجديد: حصريّة الإنجازات تنتظر التكرار

لا يهدف أنصار ليفربول عبر هذا الاستفزاز التاريخي إلى الاحتفال بلقبٍ واحدٍ فحسب، بل يرسمون خارطة طريقٍ لمستقبلٍ تتقاسم فيه الأرقام القياسية مساحات “الأنفيلد” و”أولد ترافورد”. فقد غرّدوا أيضاً عن صلاحيات المدرب الهولندي آنيه سلوت، الذي قاد فريقه في موسمه الأول لتحقيق الدوري الممتاز بخط هجومي متوازن وضغطٍ لا يعرف الملل، متجاوزاً عباءة يورغن كلوب بلمسةٍ تكتيكيةٍ جديدة.
ويستعد “الريدز” لمواصلة موسمه الحالي بلقاءين فاصليين أمام برايتون وكريستال بالاس في 19 و26 مايو على التوالي، حيث يأمل أنصار النادي في رؤية الفريق يعزز سلسلة “الإنجازات الكبرى” ببطولاتٍ محليةٍ وقاريةٍ قادمة، مع وعودٍ بتعميق الفارق مع جاره الجنوبي.
العلقات المُتوقعة على “ستاد أوف دريمز”

إثر هذا المشهد الاستهلالي للفتة اللافتة، يلتفت المحللون إلى ثلاثة مؤثرات ستحدد عمق الجرح في قلوب جماهير مانشستر يونايتد:
1. الضغوط المالية والإدارية:
بعدما أبقت فاتورة الأجور والانتقالات الثقيلة الأبواب موصدةً أمام توقيع صفقاتٍ تصنع الفارق.
2. الأداء المتذبذب على المستطيل الأخضر:
إذ خرج اليونايتد من صراع المراكز المؤهلة لأبطال أوروبا، مما يضاعف من أهمية “الهيبة التاريخية” في أيام الصراع.
3. تداعيات اللقب المتاح:
فالريدز وإنجازهم الأخير شكل حافزاً للاعتراف بمرحلةٍ جديدةٍ يمتد فيها عقد الهيمنة لنسخةٍ أكثر تنوعاً على صعيد الكتيبة الفنية واللاعبين الشباب.
هل تشعل “الفتة” حرب المدرجات؟
من المتوقع أن تشعل هذه المبادرة المدججة بالسخرية مزيداً من المعارك الكلامية بين مشجعي الفريقين على حد سواء. فمن جانب الريدز تبدو مسألة التفوق “تاريخياً” حاجزاً إضافياً لإشعال حماسهم أمام أي لقاءٍ قادم، فيما يضغط أنصار اليونايتد لاستعادة أمجاد الماضي بكل ما أوتوا من قوة.
ختاماً تحليقٍ نحو الأفضل
خلفت لوحةٌ بإشارةٍ واحدةٍ على بعد 37 ميلاً من “أولد ترافورد” صدى واسعاً في سماء “السوشيال ميديا”، محفوفاً بألوان الفخر والتحدي. وبينما تستعد المدرجات لمباراتَي ختام الموسم، لن يكون الحديث عن الكرة وحده بل عن حقبةٍ جديدةٍ يراه عشاق ليفربول أنها شرعيةٌ ومستحقّة، على أمل أن يستمر الإبداع داخل وخارج المستطيل الأخضر دون توقفٍ على الإطلاق!