لابورت.. من بطولات اليورو إلى التهميش المؤلم
حين سجَّل المدافع الدولي الإسباني حضوره مع منتخب بلاده في نهائي يورو 2024، بدا لابورت على أعتاب حقبة جديدة من التألق مع النصر بعد انتقاله الصيف الماضي، وسط توقعات بنجاح مشروعه الدفاعي مع ستيفانو بيولي. إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا؛ إذ استُبعد لابورت من آخر أربع مباريات رسمية رغم جاهزيته الكاملة، مع تقارير صحفية تُرجع الأمر إلى خلاف تكتيكي مع الجهاز الفني ومحاولات إدارية لدفعه لفسخ عقده بالتراضي لتخفيف فاتورة الرواتب الضخمة. وفي تصريحٍ وحيد، صرّح المهدي بنعطية، المدير الرياضي لمرسيليا، بأنه تحدث مع لابورت في يناير الماضي، وأكد أن النصر يرغب في إنهاء العلاقة بسبب “مشاكل مالية مختلفة”، ما يشي بأن لابورت قد يكون العضو الأخير في سلسلة المحطات السيئة لنجمٍ لم يستمتع سوى ببعض الدقائق القليلة في موسم مُلقى عليه عبء إنهاء أزمة دفاعية لأندية تُخشى في أروقتها الفضائح قبل الأهداف.
عبدالرزاق حمدالله.. القميص الأصفر يتحول إلى حجر عثرة
قبل أقل من عامين، أهانت طريقة رحيل المهاجم المغربي عبدالرزاق حمدالله مقاييس الاحترافية؛ فقد أعلن النصر في نوفمبر 2021 فسخ عقده من طرف واحد، مدعيًا إخلاله بالبرتوكولات الداخلية، بينما خاض الحسم الأخير لصالح اللاعب عبر لجان قضائية قضت بوجوب سداد كامل مستحقاته. تلك الأيام، سعى مسؤولو النادي وبعض الإعلام المحلي إلى تشويه صورة المهاجم الذي حصد لقب الهداف مع “العميد”، فيما ترك حمدالله ملعب الأحداث يناصر حقه عبر منصة قانونية وحتى عبر برنامج “كورة” ليكشف حجم الممارسات التي طاله وأجبرته على مغادرة سوق الانتقالات في عز عطائه.
بيتروس.. ثلاثية ألقاب بلا وداع كريم
لم يختلف مصير لاعب الوسط البرازيلي بيتروس عما سبقه؛ فبعد أن توج مع النصر بثلاثة ألقاب بينها لقب الدوري وكأس السوبر مرتين، اجتمع النادي خلال صيف 2021 مع اللاعب لتسوية موقفه تمهيدًا للتعاقد مع البديل الأجنبي، فانتهى الأمر بفسخ العقد بعد انتهاء الميركاتو الصيفي، دون أن يقبض بيتروس سوى دفعة جزئية قُدّرت بنحو ثلاثة ملايين دولار، ليبقى معلقًا في انتظار فتح سوق الشتاء لأربعة أشهر، قبل أن يضطر للجوء إلى “فيفا” والعودة للمطالبة بحقوقه التي نالها في النهاية بشكل كامل.
علي يزيد.. رحلة السجن والإفلاس من حرم “العميد”
تجلّت مأساوية رحيل علي يزيد في سيناريو غير مسبوق؛ اللاعب الذي ضحى بحياته الزوجية ليرافق قميص النصر، وجد نفسه متهماً بعدم سداد إيجار شقته، ومفصولاً من النادي دون الأجور المتراكمة لسنوات. تصعيد الأمر إلى حد فقدان الكهرباء والمياه عن منزله، واختتامه برسالة استغاثة للأمير ممدوح بن عبد الرحمن دون تجاوب يُذكر، قبل أن ينتهي به المطاف خلف القضبان لنقص حاد في السيولة. تلك الأزمة لم تُحسم إلا في عام 2024 بعد وساطة قانونية جديدة، لكن أثارت التساؤل عن مدى حرص إدارة النصر على كرامة لاعبيها قبل الملفات القانونية.
أزمات متلاحقة تطارد “العالمي”
من خطابات الشجب العلني في برنامج “في المرمى” إلى حصص القضاء الرياضي الدولية، بات النصر أسطورةً في الانتقادات حول كيفية إدارة ملف رحيل اللاعبين، سواء بالفسخ من جانب واحد، أو الدفع بديون جزئية، أو التعسف الفعلي في تمرير العقود. ومع لابورت، يقترب الفريق من إنهاء مسلسل طويل من الملفات المعلقة، لكن الدرس الأهم يبقى ضرورة إعادة صياغة استراتيجية الإدارة الرياضية والمالية للنادي، لتجنب تكرار سيناريوهات طفح الكيل بهذا الشكل المؤلم.
نهاية مأساوية أم فرصة للتجديد؟
في ظل العناد الذي أبداها النادي في تقليص الرواتب وتصعيب الشروط على اللاعبين الأجانب والمحليين، تبدو الأيام المقبلة حاسمة لابتكار نموذج شفاف يعتمد على التواصل المبكر مع اللاعبين عند التخطيط للموسم الجديد. فإما أن يترك “العالمي” ورطة لابورت مجرد حلقة أخيرة في مسلسل الأزمة، أو يستفيد من الدروس عبر فتح قنوات تعاقدات تحافظ على سمعته داخل وخارج المستطيل الأخضر. والطبعة القادمة من سوق الانتقالات الصيفية قد تكون فرصة لإعادة ترتيب الأوراق، بعيدًا عن فضائح الطرد الجماعي والاستقالات القسرية.
في النهاية، يطغى السؤال:
هل ستكون قضية إيمريك لابورت هي الزلزال الأخير الذي يدفع النصر لإصلاح بنيانه الإداري، أم أنها ستندرج تحت سجلاته كمجرد استمرار لمسلسل مظلم؟ بغض النظر عن الإجابة، فإن سمعة النادي وصورته أمام الرأي العام باتت رهينة بالتعامل السليم مع نجومه قبل أي مراجعة فنية.
