
في ليلة كروية استثنائية على ملعب “كرافين كوتاج”، نجح مانشستر سيتي في حسم المركز الثالث في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد التغلب على فولهام 2-0، ليضمن بطاقة التأهل المباشر إلى دوري أبطال أوروبا موسم 2025/2026.
خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة، أطلق الإسباني بيب جوارديولا عباراته النارية في مدح لاعبيه وإنجازهم، مؤكّدًا أن التواجد في المسابقة الأهم على مستوى الأندية الأوروبية يعادل – في نظره – التتويج بلقبٍ كبير.
لحظة تاريخية تحت الأضواء
منذ أن وطأت قدما السيتي في ملعب “كرافين كوتاج” وسط برودة لندن المبكرة، بدا واضحًا أن حامل اللقب لن يتهاون في تأكيد حضوره القاري.
- الهدف الأول: سجله إيرلينج هالاند في الدقيقة 27.
- الهدف الثاني: جاء من كيفين دي بروين في الشوط الثاني.
الهدفان لم يساعدا في تأمين النقاط الثلاث فحسب، بل أعادا إلى الأذهان السيطرة المطلقة للسيتي على إحدى أهم بطولات أوروبا، مع وعدٍ جماهيريٍ صاخب بأن العودة لدوري الأبطال تعني العودة للتحدي التاريخي نحو اللقب الأغلى.
تصريحات نارية من “السيد بيب”

عقب صافرة النهاية، وقف جوارديولا أمام أسئلة الصحافة وهو يبضُّ حماسة وفخرًا. قال مدرب السيتي:
“يمكن للناس أن يتذمّروا من خوض معركة التأهل الآسيوية، لكننا اخترنا الاستمرار في تقديم الأداء الراقي والممتع. نجحنا في فرض إيقاعنا حتى اللحظة الأخيرة، وحجزنا المركز الثالث الذي يؤهلنا مباشرة لدور المجموعات في دوري الأبطال. في نظري، هذا الإنجاز يوازي الفوز بلقب.”
وأضاف، بابتسامة عريضة تكشف عن حجم رضاه:
“إنهاء الموسم في المركز الثالث ليس مثاليًا، لكنني فخور جدًا باللاعبين. في بعض الأحيان، تتجاوز قيمة التأهل إلى دوري الأبطال قيمة الفوز بكأس محلية، لأنها تفتح لنا أبواب المنافسة على الألقاب الأوروبية، ونشعر اليوم بأننا محظوظون حقًا لهذا الإنجاز.”
درسٌ في المثابرة والتنظيم
لم تكن رحلة سيتي إلى المركز الثالث سهلة على الإطلاق. فقد شهدت المواجهات الأخيرة منافسة شرسة مع أرسنال وتشيلسي وليفربول، وأحيانًا غاب الدفاع عن مستواه، مما عرض الفريق لبعض الخسائر النادرة هذا الموسم.
إلا أن جوارديولا اعتمد على العمق الفني لطاقمه، حيث أتاح لمعظم اللاعبين المشاركين وقتًا كافيًا لإثبات جدارتهم، كما أنه أظهر مرونة تكتيكية بالانتقال بين خطة 4-3-3 الكلاسيكية وخطة 3-2-4-1 التي أثبتت فعاليتها أمام الفرق المتوسطة.
هذا التوازن القيادي والتخطيط الاستراتيجي كانا مفتاح العودة السريعة قبل نهاية الموسم. سيتي، الذي أنهى الموسم بفارق 13 نقطة خلف المتوّج ليفربول، أعاد تعريف مفهوم الاستمرارية والعطاء حتى الرمق الأخير، مما أكسبه بطاقة العبور إلى دوري الأبطال دون الحاجة لخوض “ملحق” بطابع محفوف بالمخاطر.
ماذا ينتظر “العاصمة السماوية” في أوروبا؟

الآن، ومع تأمين مقعدٍ في دور المجموعات، يبدأ العمل الفعلي على إعادة بناء الثقة وتحقيق الطموح في دوري الأبطال، الذي ظل يشغل أذهان جماهير السيتي منذ رحيل ثنائي جوارديولا نيمار ومبابي في العقد المنصرم.
النادي سيبدأ منذ الآن في رسم خارطة الطريق للموسم القادم عبر صفقاتٍ جديدة وترميماتٍ فنية وقبل كل ذلك الحفاظ على روح الانتصار التي طبعت أجواء ملعب “الاتحاد” هذا الموسم.
- الهدف الرئيسي: تحقيق الثنائية المحلية (الدوري والكأس).
- الحلم الأوروبي: العودة بقوة إلى منصات تتويج دوري الأبطال.
الجماهير تحتفي برحلة الأبطال
أما على مستوى المدرجات، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تفاعلاً لافتًا من جمهور السيتي، الذي أظهر صبرًا وإيمانًا حتى في أيام التراجعات العابرة.
صورة الأعلام الزرقاء تنساب في أنفاق “الاتحاد”، واللافتات التي تذكر بالأبطال اللاتينيين والإنجليز الذين رفعوا الكأس سابقًا، كلها رسائل محبة ودعمٍ للاعبين وجهازهم الفني.
وفي مشهدٍ استثنائي، احتشد عدد من المشجعين في الحانات المحيطة بملعب فولهام بعد صافرة النهاية، مرفعين لافتات كتب عليها: “هنا ولدت أسطورة دوري الأبطال”، في إشارةٍ للقفزة النوعية التي أحدثها جوارديولا في سجل النادي منذ قدومه عام 2016.
خاتمة: البداية الحقيقية لسيتي
إذا كان الموسم الحالي قد حمل نغمة التحدي والتمسك بحلم العودة إلى دوري الأبطال، فإن المقبل يحمل وعدًا بمواجهة عروش أوروبا الكبرى.
بيب جوارديولا، بحنكته وخبرته واصرار لاعبيه، يعد الجماهير بأن رحلة “العاصمة السماوية” نحو القمة تبدأ اليوم، وأن النقطة التي جُمعت في “كرافين كوتاج” لا تقل شأناً عن أية ثلاث نقاط أخرى.
في نهاية المطاف، يظل الكلام الكبير تصرفًا يعكس الأبطال الحقيقين، وجوارديولا لا يخشى المجازفة بوصف تأهل فريقه إلى دوري أبطال أوروبا بأنه “انتصارٌ أسطوري”، فالموسم القادم سيكشف ما إذا كان هذا الوعد سيتحول إلى وقائعٍ تاريخية تخلد اسم مانشستر سيتي بذهب المجد القاري.