معاناة الموسم وتداعياتها
لا يخفى على أحد أن موسم 2024–2025 كان الأصعب لبيب جوارديولا منذ وصوله إلى “الاتحاد” قبل تسع سنوات. فعلى الصعيد المحلي:
- البريميرليج: فقد السيتي لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ عام 2021، بعد منافسة ضارية مع ليفربول انتهت لصالح الأخير بأشواط.
- دوري أبطال أوروبا: خرج مبكرًا بخسارةٍ مُرّة أمام ريال مدريد في دور الـ16، مثّلت صدمة لعشاق “الميلانيغو”.
- كأس رابطة الأندية: ودّع البطولة من نصف النهائي، ما زاد الضغوط على أفضلية جوارديولا في الموسم.
وبقيت أمام الفريق فرصة أخيرة لاستعادة بريقه وإنقاذ موسم يُعدّ الأسوأ تحت قيادته، من خلال حصد كأس الاتحاد الإنجليزي عندما يلتقي كريستال بالاس على ملعب ويمبلي يوم غدٍ السبت.
"ليست أولويتنا.. لكننا نريدها"
في المؤتمر الصحفي أمام وسائل الإعلام، قال جوارديولا بنبرة حاسمة:
“بالطبع كأس الاتحاد ليست هدفنا الأول هذا الموسم، لكن بعد كل ما حدث، فإن الفوز بها أصبح في غاية الأهمية لنا. لن نشعر بخيبة أمل جديدة بعد خسارة النهائي الموسم الماضي.”
وذكر المدرب الإسباني كيف أنه في موسم 2022–2023 خسر السيتي النهائي أمام مانشستر يونايتد بنتيجة (2–1)، ما سبب صدمة مدوية وعلامة فارقة في العلاقة بين الجارين، محذراً من إعادة سيناريو “يونايتد القاسي”:
“أعرف جيدًا كيف تؤلم الخسارة في ويمبلي. شاهدنا كيف تأثر مانشستر يونايتد بعد ذلك النهائي، ولا نريد تكرار تلك اللحظة المؤلمة داخل غرف تغيير الملابس.”
حالة رودري: "الطبيب يقرر"
واعتبر جوارديولا أن إدارة المخاطر والاستماع إلى الطاقم الطبي أولوية قصوى قبل أي مباراة كبرى. وأجاب عند سؤاله عن إمكانية إشراك الدولي الإسباني رودري المصاب بكدمة في الركبة:
“رودري يتحسن يومًا بعد يوم، لكننا لن نستعجل عودته. قرار مشاركته بيد الطبيب فقط، وعندما يقول لي ‘نعم’، عندها سيتواجد معنا في التشكيلة.”
ويرى جوارديولا في رودري الركيزة الأهم لسيطرته على منتصف الملعب، لكن تسرُّعًا بسيطًا قد يُشكّل خطرًا على الموسم بأكمله، خاصة مع قصر فرصة التراجع في حال تفاقم الإصابة.
حجر الأساس: الانضباط تكتيكيًا ونفسيًا
لا يقتصر قرار إراحة رودري على الجانب الصحي فقط، بل يعدّ جزءًا من استراتيجية أعمق لتعزيز الانضباط التكتيكي والنفسي داخل معسكر السيتيزنز، والتي تشمل:
1. تدوير الأدوار:
الاعتماد على الشاب إيثان هوك أو كايو جو تسميم الأدوار في خط الوسط لملء الفراغ دون المساس بالقوة.
2. إدارة الضغوط:
تجهيز اللاعبين نفسيًا لتفادي الانهيار في المواجهات الحاسمة، والابتعاد عن تأثير الخسائر الماضية.
3. تحفيز اللافتات:
ربط الفوز بالكأس بإنقاذ “شرف” الموسم ورفع المعنويات قبل عامٍ جديد من التحديات الأوروبية والمحلية.
كريستال بالاس: عقبةٌ لن تُهمل
يواجه السيتيزنز فريق كريستال بالاس الذي قدم مبارياتٍ قوية ضد أستون فيلا وخطف بطاقة التأهل إلى نهائي الكأس بفوزٍ مريح (3–0). ويعول جوارديولا على عدة عوامل:
- الخبرة في البطولات الكبرى: سيسعى محمد صلاح وزملاؤه لاستغلال أي ترددٍ من سيتي بسبب الغيابات.
- سرعات الأجنحة: قوة بالاس في شن الهجمات المرتدة عبر زاهير إفنا والمخضرم ميلار تُشكّل خطرًا إن لم تُدار رقابتها جيدًا.
- الضغوط الجماهيرية: تحفيز جماهير ويمبلي للفريق “المغمور” سيكون عاملًا مؤثرًا على أرض الملعب.
صراع الكرة الإنجليزية في أوجه
إن نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، يُعتبر الأكبر محليًا بعد البريميرليج، ويقدّم فرصةً لأبطال الدوري الإنجليزي السابقين لاستعادة زخمهم. وعادةً ما تختزن هذه المباراة دراما خاصة بسبب مسرحية ويمبلي الأسطورية، حيث تحولت انتصارات وخسائر الأندية الكبرى إلى أحداث لا تُنسى تاريخيًا.
خاتمة: الكأس لمن ينتصر في معركة التفاصيل
مع بزوغ صافرة البداية على أرضية ويمبلي، سيُثبت مانشستر سيتي بقيادة جوارديولا أنه قادر على إدارة إيقاع الموسم، فأحيى قلبه أمام خيبة الموسم الكارثي. وإذا نجح في رفع كأس الاتحاد، فسيعطي دفعةً هائلة للموسم المقبل، ويُنقذ جزءًا من تاريخٍ كان محل انتقادات على مدار أشهر. الوحيدة التي تنقذ “السيتيزنز” الآن هي الانتقام من الماضي والظفر بالدرع الأغلى بعد الدوري… فهل سينجح بيب في تفادي السيناريو القاسي وتنصيب نفسه بطلًا لمن لا يخشى المخاطرة؟
