انتصارٌ مهمٌّ وهدفٌ تاريخيٌّ
تصدّر المدافع الإيطالي المخضرم فرانشيسко أتشيربي مشهد الاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ظهور لافت له وهو يرتدي نفس الحذاء “المثقوب” الذي كان عليه العلامة الفارقة في حياته الكروية. فقد اختار أتشيربي الإبقاء على حذائه المثقوب خلال فوز إنتر ميلان الثمين على مضيفه تورينو (2–0)، مساء الأحد، ضمن الجولة 36 من الدوري الإيطالي، على أمل نقل الحظ نفسه الذي صاحبه في مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام برشلونة.
الحذاء المثقوب: تذكُّرٌ بنجاحٍ استثنائي
رفع إنتر رصيده إلى 77 نقطة في وصافة جدول ترتيب سيري آ، بفارق نقطة واحدة خلف نابولي المتصدر (78 نقطة) قبل جولتين على نهاية المسابقة. وقد افتتح النجم البلجيكي روميلو لوكاكو التسجيل للضيوف في الدقيقة 33، ثم أضاف جيوفاني سيميونى الهدف الثاني في الشوط الثاني (د.67)، ليضمن الانتصار ويعيد أمل فريق المدرب سيموني إنزاغي في التتويج باللقب المحلي لأول مرة منذ عام 2021.
ولم يقتصر حديث المتابعين على الأداء التكتيكي أو الفوارق الفنية بين الفريقين، بل انصبّ الاهتمام الأكبر على ما رصده المصورون من تمسكٍ غير اعتياديٍّ لمدافع المرمى، فرانشيسكو أتشيربي (38 عاماً)، بالحذاء نفسه الذي غزى به شباك برشلونة في مباراةٍ تاريخيةٍ الموسم الماضي.
التمسك بالخرافات… بين الاحتراف والخبرة
في 13 مايو 2024، كان برشلونة متقدماً على الإنتر بهدفٍ نظيفٍ في “كامب نو”، وسط أداءٍ سيطر عليه أصحاب الأرض، قبل أن يفاجئ أتشيربي الجميع بتسجيل هدف التعادل (3–3) في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع. وقدرت صحيفة ماركا الإسبانية أهميته حين وصفت هدفه بأنه “منقذ موسمٍ كاملٍ”، بينما لفتت موندو ديبورتيفو إلى “جرأته الاستثنائية” في الالتحام بذات الصلابة الهجومية التي كان عليها الحذاء المثقوب آنذاك.
ولأن الهدف دفع الإنتر إلى التمديد للأوقات الإضافية، ومن ثم الفوز 4–3 والتأهل للنهائي الثاني في ثلاث سنوات بدوري الأبطال، أمسك أتشيربي بالحذاء وكأنه “قطعةٌ أثريةٌ” يحمل معها عبق الإنجاز، محافظًا عليه رغم اتساع الثقب في مقدمة قدمه اليمنى.
طريق الألقاب: الميراث الإيطالي والإصرار على البريميرتا
يعتمد عدد من اللاعبين المحترفين على “تيمات” أو عاداتٍ تربطهم بأداءهم الجيد، وتُعرف في الأوساط الكروية بـ“خرافات الاحترافية”. وكان أتشيربي قد نفى سابقًا عبر تصريحاتٍ نقلتها “Gazzetta dello Sport” أي نيةٍ للتخلي عن حذائه، قائلًا:
“هذا الحذاء شهد لحظةً حياتي… لا أراه مجرد غطاءٍ للقدم، بل رمزٌ لدرسٍ تعلمته: لا تستسلم أبداً.”
وقد أضاف أن إصراره على ارتدائه رغم تلفه يعود إلى امتزاج الجانب النفسي بالجانب الفني في كرة القدم الحديثة، حيث “يمتد الثقة بالنفس إلى أشياءٍ تبدو بسيطةٍ”، بحسب قوله.
بوتقة الخبرة والشباب: دور أتشيربي
يشكل الدوري الإيطالي مسرحًا صعبًا للتتويج، بوصفه واحدًا من أقوى البطولات الأوروبية، خاصة في العام الذي يضيق فيه الخناق على صدارة جدول الترتيب. ويأمل الإنتر في حسم اللقب محليًا بعد مشوارٍ استثنائيٍّ في دوري الأبطال رغم الخسارة في النهائي أمام مانشستر سيتي. وكان النادي قد نال لقب كأس إيطاليا في أبريل الماضي، مصعدًا إلى المنافسات الأوروبية بقوةٍ متجددةٍ.
وإلى جانب لقب “سيري آ”، ينتظر الإنتر مباراة نهائية ثانيةً مهمةً أمام باريس سان جيرمان في نهائي دوري الأبطال، بعد أقل من شهرٍ، ما يجعل الموسم الحالي يُعدُّ واحدًا من أفضل مواسم النادي في العقد الأخير. ويبقى أتشيربي أحد أبرز رواة الحكاية وسط تماسكٍ تكتيكيٍّ وقيادةٍ خبريةٍ، حيث يُعدّ “متمم العالمي” بين جيلٍ جديدٍ يضمّ لوكاكو ولاوتارو مارتينيز.
ما بعد الجولات الأخيرة
بالرغم من تقدمه في السّنّ، يظل أتشيربي مثالاً للتوازن ما بين القدرة على الالتحام والانخراط الهجومي، وهو ما يفسر احتفاظه بمركزه الأساسي حتى نهاية البطولة. وقد وثّق مدربه إنزاغي في حديثٍ لصحيفة Corriere dello Sport تألق المدافع قائلاً:
“في اللحظات الصعبة، نحتاج لضرباتٍ ذهنيةٍ أكثر من بدنيةٍ، وأتشيربي يملك جرأةً لا يملكها الكثيرون.”
يحتاج الإنتر إلى الاستمرار بصدارة “سيري آ” حتى الجولة 38، مع مباراتين أخريين ضد لاتسيو وكومو، بينما يحتاج نابولي لنقطتين فقط ليحسم اللقب إذا لم ينتصر الإنتر. وخلال هذه الفترة، سيكون مصير لقب الدوري مرتبطًا بقدرة لاعبيه على التحمل النفسي، تمامًا كما اعتمد أتشيربي على “حذائه المثقوب” لتذكيره بإمكانية قلب الطاولة في أي لحظةٍ.
كما تتجه أنظار العالم لنهائي الأبطال في 1 يونيو المقبل، حيث يطمح المدافع الإيطالي إلى تعويض نتيجة العام الماضي، ومحاولة إضافة لقبٍ أوروبيٍ إلى سجله التاريخي، مستعينًا بثقةٍ تجمّعت داخل كل خيطٍ من خيوط حذائه الذي بات أيقونةً للجماهير ومحطةً للصحافة العالمية.
