في أجواءٍ حماسيةٍ تميل نحو السحابة الممطرة بالعروض الأسطورية، يجد المدرب الإيطالي سيميوني إنزاجي نفسه اليوم في قلب عاصفة انتقالية غير مسبوقة، مع اقتراب يوم نهائي دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان. وعلى الرغم من النقلة التكتيكية التي أحدثها في قلعة “جوزيبي مياتزا” منذ توليه المهمة، تتسابق أنديةٌ عربية وأوروبية على حجز توقيعه قبل انطلاق نسخة كأس العالم للأندية 2025. غير أن “بيبيتا” كشف عن ضوابطه الحازمة التي لا يُمكن تجاوزهــا، مُعلِـنًا عن رغبته في البقاء بشرطين لا تقبل المساومة، في مشهدٍ يشي بأن المعركة ليست سهلةً لا للإغراءات ولا لوعود اليانصيب المالي.
“عرض المليارات” من الهلال يقترب من رقمه الخيالي
لم تمضِ ساعاتٌ على صدور تقارير “توتو سبورت” الإيطالية التي كشفت عن رفع إدارة الهلال السعودي لمقترحها الأول بقيمة 20 مليون يورو سنويًا إلى عرضٍ جديدٍ ضخم تتراوح قيمته بين 45 و50 مليون يورو سنويًا، على عقد يمتد لمدة ثلاث سنوات. العرض السعودي استهدف استثمار خبرة إنزاجي في منافسات كأس العالم للأندية 2025، واعتُبر من قبل المحللين المحليين والعالميين “عرض الموسم” في ظل الأرقام الفلكية التي توازي رواتب كبار المدربين الأوروبيين في أعرق الأندية.
ومع هذه الأرقام المرعبة للميزانيات المعتادة في السعودية، بدا أن الهلال وضحّ كل أوراقه على الطاولة من أجل حسم الصفقة مبكرًا، مستغلاً تردد إدارة إنتر في تجديد العقد الذي ينتهي في صيف 2025، فضلاً عن الضغوط الجماهيرية والإعلامية الراغبة في بقائه على رأس الجهاز الفني.
صمت “إكس” يفضح سباق الأندية الأخرى
لكن حسابات الصحفي فرانكو فاني على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) أعادت الأمور إلى نصابها، مؤكداً أن الهلال ليس اللاعب الوحيد في هذه الجولة النارية من المفاوضات. فقد أوضح فاني أن إنزاجي بات هدفًا لعدة أندية قوية لم تُكشف جميع أسمائها بعد، بما في ذلك فرقٌ من الدوري الإنجليزي الممتاز وأخرى من الدوري الإسباني، والتي تترقب حسم مصيره عقب نهاية المشوار الأوروبي.
ورغم انكفاء الأضواء الإعلامية مؤقتًا على المشهد السعودي، فإن الأندية الأوروبية لا تزال تحضر ملفاتها بعناية، مستفيدة من عامل الرغبة لدى المدرب في الحفاظ على تواجده ضمن الكبار بعد صراعه المستمر مع الغريم التقليدي يورغن كلوب في سباق الألقاب المحلية والقارية.
“بيبيتا” يرد بوضوح: راتب يليق ومساندة فنية
في خضم هذا اللافت، خرج إنزاجي himself ليضع “خطوطًا حمراء” لا ملامسة لها لدى الإدارة اللومباردية. فقد أكّد المدرب السابق للاتسيو أن بقاءه في “جوزيبي مياتزا” مشروطٌ بأمرين رئيسيين:
1. ضمانات مالية مُشرفة: طالب بزيادة راتبه الحالي بما يتناسب مع سقوف الرواتب الأوروبية، مطلقًا على نفسه وصف “الخط المباشر لأهداف الأندية الكبرى”، في إشارةٍ ضمنيةٍ إلى أن مردوده يستحق تقديرًا يتجاوز العرض الأول الذي قُدّم له العام الماضي.
2. دعم صفقات حقيقية: شدّد على ضرورة حصول الإنتر على مكتسباتٍ نوعيةٍ في سوق الانتقالات الصيفية المقبل، بحيث تتوافق الصفقات مع طموح المنافسة على الدوري الإيطالي ودوري الأبطال معًا، مبرزًا أن أحقية إنتر في الصعود مجددًا لمصاف الأندية المرشحة للفوز بلقب أوروبا تستدعي “فريقًا جاهزًا من اليوم الأول”.
هذه الشروط لم تكن غايةً في التعجيز بحسب مصادر مقربة من النادي اللومباردي، إذ أشارت إلى أن إنتر يميل إلى الحفاظ على استقراره الفني بعد الانفصال عن أنطونيو كونتي، ويرى في إنزاجي شخصيةً تمتلك “ثقة اللاعبين” ومناهج تدريبية واضحة.
صدمةٌ سوداءٌ للهلال.. وإنتر يرد بقوة
المفاجأة الكبرى جاءت على لسان فاني نفسه عندما شدّد على أن إدارة إنتر لن تفرّط في مدربها قبل منتصف يوليو المقبل، خاصة إذا تأكد مشاركته في كأس العالم للأندية. وأوضح أن النادي الإيطالي يرغب أولاً في تمديد عقد إنزاجي حتى صيف 2027 كخيارٍ أولي، قبل التطرق لأي ترتيباتٍ احتياطيةٍ أو تغييرٍ في الاتجاه الذي يصب في صالح رحيله إلى أي نادٍ آخر، سعوديًّا كان أم أوروبيًّا.
هذه التصريحات شكلت صدمة قوية للمسؤولين في الرياض، الذين اعتقدوا أنهم خارج حسابات إنتر المستقبلية، لكن الإدارة اللومباردية بادرَت سريعًا بتوجيه رسالةٍ واضحةٍ مفادها: “من لا يرضخ لشروطنا سنرفعه إلى بند الشرط الجزائي المعتاد في عقود كبار المدربِين، ولن نسمح بتحويل تركيزه قبل انتهاء أهدافنا المحلية والقارية”.
نحو صيفٍ حاسمٍ وتواجهه المُشاهد العالمية
مع تبقي أيامٍ قليلةٍ على نهائي دوري الأبطال، سينصب اهتمام إنزاجي بالكامل على مجابهة باريس سان جيرمان في مدريد، حيث يطمح لإحراز اللقب الأول لإنتر منذ عام 2010. وفي الوقت نفسه، ستُختبر مرونة الإدارة اللومباردية في التعامل مع رغبته في الاحتفاظ بحقوقه المالية والفنية، أم ستسمح لنفسها بالاستفادة من عروض الهلال وغيرها لتوليد سيولةٍ أو إعادة هيكلة ميزانية النادي.
وعلى صعيد جماهير نصف ميلانو، فإن التوقيع الرسمي على عقدٍ جديد وإنهاء حالة الغموض سيُعد بمثابة دفعة معنوية هائلة للفريق قبل موسمٍ يعدّه النقّاد بمثابة “المفترق الثاني” في حقبة ما بعد موراتي. أمّا في الرياض، فلا تزال المعركة محتدمة، فالهلال الذي يبحث عن مدربٍ قادرٍ على ملء الفراغ الفني وتأمين بطاقة التأهل المباشر لكأس العالم للأندية، سيواصل الضغط حتى اللحظة الأخيرة.
ختامًا، تبقى صفحة سيميوني إنزاجي في إنتر واحدةً من أكثر قصص الصيف إثارةً في عالم كرة القدم، حيث يمتزج الطموح الأوروبي بالعروض المالية الضخمة، وسط حروبٍ صحفيةٍ وتكتيكيةٍ لا تنتهي إلا بإعلانٍ رسميٍّ يكشف مصير “محارب الساحات الإيطالية” بين البقاء في ميلانو أو غزو الملاعب الآسيوية الصيف القادم.
