بداية الاحتجاج.. ساعةٌ أوقفت نصر المنصات
في 22 من فبراير الماضي، انتهت مباراة الوحدة والنصر بفوز العالمي (2-0)، ضمن الجولة الـ22 من دوري روشن، ولكن الفجر الجديد أتى على هيئة احتجاجٍ رسمي تقدم به الوحدة، طالبًا استعادة ثلاث نقاط المباراة بسبب تأخر حافلة فريق النصر لملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة، ما استدعى تأخير انطلاقة اللقاء لمدة ساعة كاملة.
بحسب لائحة المسابقات، فإن تأخير الحافلات ينبغي أن لا يتجاوز 30 دقيقة إلا إذا صدرت موافقة رسمية مسبقة، وهو ما لم يتحقق. بيد أن رابطة الدوري برئاسة عبد العزيز العفالق وإدارة الرئيس التنفيذي عمر المغربل، قررت تأجيل البداية دون أن توضح موقفها القانوني تفصيليًا، ما وضع القضية في متاهةٍ إعلامية قبل أن يتجه الجميع إلى لجنة الانضباط.
رد لجنة الانضباط.. “شكلًا” لا “مضمونًا”
تقدّم الوحدة باحتجاجه عبر النموذج الرسمي، ولكنه، كما قالت لجنة الانضباط والأخلاق من دون تفاصيل، “قدّم عبر نموذج قديم غير معتمد”، فرفضته “شكلاً” وأبطل مفاعيله. هنا، لم يكد الوحداويون يستوعبون الصدمة، إلا وأنهم لجأوا إلى مستوى أعلى من اللجان، هي لجنة الاستئناف، آمِلين في تحقيقٍ موضوعي يأخذ بالاعتبار التأخير وإزعاج جدول المباريات.
استئناف يعيد الأزمة إلى مربع البداية
في مفاجأةٍ جديدةٍ أثارت السخط، قررت لجنة الاستئناف قبول طعن الوحدة وإعادة القضية إلى لجنة الانضباط للبت فيها “مضمونًا” هذه المرة. هذا القرار أعاد فتح الملف مجددًا، وكأنما يقول للجنة الأولى: “ابدؤوا من جديد”! وهو ما أشعل غضباً عارمًا في أوساط الإعلاميين والخبراء الرياضيين، معتبرين أن “إعادة الإحالة” تعطيل متعمد وتعطّل لمحرّكات المنافسة.
من يجرؤ على الجواب؟ “المتسبب الحقيقي” تحت الأنظار
في قلب العاصفة، وقف ناصر الهويدي، رئيس نادي الباطن الأسبق، على مسرح الانتقاد المدروس، موجّهًا سهامه صوب الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري عمر المغربل، الذي اكتسب سمعة “صانع الأزمات” بحسب وصفه. وأضاف الهويدي، خلال استضافته في برنامج “أكشن مع وليد”، أن العفالق يحمل دورًا شرفيًا وليس تنفيذيًا حقيقيًا، وأن المغربل هو من كتب ووقّع على قرار التأجيل المنقّح الذي أوجد هذه الفوضى، مطالبًا إياه بـ“الردّ والإيضاح فورًا”، وعدم الهروب إلى الملعب الرمزي:
“المغربل هو المسؤول الأول، يجب أن يبرز للناس لماذا تم تأجيل اللقاء ساعة دون موافقة رسمية. هل الأمر متوافق مع نصوص اللائحة، أم أنه قرار عاطفي لتجنب ضجيج إعلامي يطعن في إنجازات النجوم العالميين؟”
“الأيادي المرتعشة” تهدّد ثقة الجماهير

من جانبه، استنكر صالح أبو نخاع، رئيس ضمك الأسبق، طول فترة النظر في قضيتين فقط طوال الموسم، وسط قراراتٍ بالكاد تصدر بصورة يومية عن لجان الانضباط والاستئناف. واستعان أبو نخاع بمصطلح “الأيادي المرتعشة” للناقد الراحل عادل التويجري، معبرًا عن هزَّة الثقة التي أحدثتها هذه المعالجات:
“لا يجوز أن نترك القضايا الأساسية لمدة أسابيع، ثم نعود برفض نقاطٍ، وبعدها بالطعن، ثم بالإحالة مجددًا. كان على الرابطة أن تصدر بيانًا مفصلاً يشرح أسباب التأجيل والملابسات فورًا، لا أن تبدد وعودها بالمهنية”.
أين النصر؟ معركة ثلاثية الأبعاد
أما النصر، الذي يحتل حاليًا المركز الثالث برصيد 63 نقطة من 31 مواجهة، فلا يزال مهددًا بفقدان ست نقاطٍ محتملة: إذ ينازع على ثلاث نقاطٍ من مباراة العروبة، احتجاجًا على أهلية مشاركة الحارس رافع الرويلي، وثلاثٍ أخرى قادمة من احتجاج الوحدة إذا ما حسم الأخير نزاعه في النهاية. الفوز بمقعد وصافة الدوري “نخبة آسيا” ليس مضمونًا بعد:
• الأزمة الأولى:
احتجاج العروبة ضد مشاركة الرويلي، بانتظار قرار لجنة الانضباط.
• الأزمة الثانية:
احتجاج الوحدة حسب الإحالة الثانية للجنة الانضباط.
• الأزمة الثالثة:
الضغط الجماهيري والإعلامي على اللاعبين والجهاز الفني، وهو ما قد يؤثر في الأداء.
ملامح أزمة عميقة… ورابطة في مفترق طرق

تصحيح مسار المنافسة يتطلب:
1. شفافية فورية:
إصدار توضيحات حول أسباب تأجيل الوحدة–النصر والمواد القانونية المعتمدة.
2. الالتزام باللوائح:
تطبيق صارم وحيد للنموذج الرسمي للاحتجاجات، مع تدريب موظفي الرابطة لتجنّب استخدام نماذج قديمة.
3. المساءلة الإدارية:
مطالبة المغربل بالظهور الإعلامي والرد على الاعتراضات، أو سحب الصلاحيات التنفيذية منه إلى لجنة مستقلة.
4. تسريع الآليات:
منح لجان الانضباط والاستئناف صلاحيات مختصرة للبت في القضايا خلال 72 ساعة، تفاديًا لتأخير جدول المباريات.
في النهاية، لا تهم سوى رؤية “دوري روشن” يستعيد مصداقيته ومكانته التنافسية، بعيدًا عن “زلازل الإجراءات” التي تنعكس سلبيًا على سمعة الأندية والمنافسة نفسها. والمهم الآن أن تتحرك الرابطة بسرعةٍ قبل أن تتحول هذه الأزمة إلى ورشة اصلاحٍ تحتاج سنوات لاستعادتها. فإن لم يكن هناك من يردّ على “المتسبب الحقيقي”، فلن يجد المشجع سبيلًا سوى التشكيك في نزاهة البطولة بأكملها.