تعرض خط وسط برشلونة لضربة قوية على أعتاب مواجهة إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان، بعد إصابة لاعب المحور الواعد غافي خلال انتصار الفريق على مضيفه ريال بلد الوليد (2-1) في الجولة الرابعة والثلاثين من الدوري الإسباني. ووسط جهود المدرب هانز فليك لإدارة الجهد البدني لمفتاحيه استعدادًا للحسم القاري، باتت حالة النجم الشاب محط قلقٍ كبيرٍ في كامب نو، حتى وإن طمأنته الأنباء الأولية بأنه “بخير” بحسب الصحفي جيرارد روميرو.
التشكيلة الاحتياطية وتوزيع البطاريات
دخل برشلونة اللقاء بتشكيلة شهدت تغييبًا واضحًا لأبرز عناصره الأساسية، في خطوةٍ اعتُبرت منطقيةً لتحميل اللاعبين القوى وتوفير طاقةٍ كافيةٍ لجمعة ميلانو. إذ بدأ الهولندي فرينكي دي يونج والمهاجم رافينيا على مقاعد اللاعبين البدلاء، بينما قاد ديمبيلي وفيران توريس الهجوم، وخاض بوسكيتس وجافريلاسا الشوط الأول. ورغم هذه التغييرات، لم يُفلح رجال فليك في فرض السيطرة المطلقة على أرض بلد الوليد، فتلقى الهدف الأول مبكرًا في الدقيقة 24 عبر قذيفةٍ أرضيةٍ لعايدة سانشيز.
مع انطلاق الشوط الثاني، لجأ فليك إلى تعديلٍ هجومي بإدخال رافينيا وفرينكي دي يونج مكان ديمبيلي وبوستيغو، ما منح الفريق ديناميكيةً في تبديل الإيقاع وسرعةً لاستغلال الأطراف. ونجح برشلونة في معادلة النتيجة قبل نهاية الشوط بفارقٍ ضئيلٍ بعدما سجل فيران توريس هدف التعادل (68)، ثم قلب أنسو فاتي الطاولة بهدفٍ ثانٍٍ رائعٍ من تسديدةٍ على الطاير (82)، ليحافظ على صدارة “الليغا” بفارق سبع نقاطٍ عن ريال مدريد الذي يملك مباراةً ناقصةً.
إصابة جافي وقلق معسكر البلوجرانا

لكن لحظة الانتصار لم تخلو من القلق، إذ عانى غافي من شدٍ عضليٍ في الفخذ الأيسر خلال ربع الساعة الأخير، واضطر فليك لاستبداله بإريك جارسيا في الدقيقة 79. وقد ظهر الشاب الإسباني وهو يشتد ألمًا أثناء خروجه، ليلتقط مصورون انتقال نظراتٍ بينه وبين الطاقم الطبي، قبيل خروجه على نقالةٍ إلى خارج الملعب. وعلى الرغم من أن جيرارد روميرو نقل عن مصادر موثوقة في برشلونة أن حالته “ليست خطيرة ويبدو أنه سيغيب لأيامٍ قليلة”، فإن غيابه أمام إنتر في مباراةٍ لا تحتمل التأجيل، يبقى موضع شكٍ كبيرٍ.
تداعيات فنية قبل لقاء الملحمة
تأتي هذه الإصابة لتُضيف عبئًا جديدًا على فليك، الذي اعتمد في ميلانو على ثلاثي محوريٍ يتشكل عادة من بوسكيتس (كمنظمٍ أول)، وبرينثويت (كنامجٍ دفاعي)، وغافي (كجناحٍ هجوميٍ مُتكامل). ووسط احتمالية غياب غافي، سيجد المدرب نفسه مضطرًا إلى إعادة توزيع الأدوار؛ فقد يلجأ إلى إقحام بوسكيتس بشكلٍ أعمق، ودفع بيدري أو ارتوري ميلو إلى جانب بريثويت لتعويض فقدان الإيقاع الهجومي. كما أن خيار الدفع بفرينكي دي يونج أساسيًّا يبدو واردًا أكثر من أي وقتٍ مضى، إذ يمتلك القدرة على تقديم رتمٍ مبكرٍ وتهدئة الإيقاع عند الحاجة.
الرهان على سلاح الدكة وجودة البدلاء
على الرغم من أن سوق الانتقالات الشتوية أتاح تعزيزاتٍ محدودةٍ في عمق الوسط، فإن جودة البدلاء أصبحت حاسمةً في هذه اللحظة. يلعب رافينيا دور الجناح المساند في الضغط العالي، فيما يستطيع دي يونج المحوري تقديم الحلول الفنية وخفة الحركة أمام الدفاع الإيطالي الصلب. ومع غياب مارتن برايثويت الذي غالبًا ما يُستخدم كعرقلٍ متنقلٍ في المنتصف، يملك فليك أيضاً خيارًا بتدوير اللاعبين سريعًا للحفاظ على نبض المباراة أمام إنتر، خاصةً وأن اللقاء سيُقام على “سان سيرو” وهو معقل الفريق الإيطالي الذي حافظ على نظافة شباكه في أكثر من 40% من مواجهاته هذا الموسم في الكأس القارية.
معنويات مرتفعة رغم الأجوف

رغم التفاؤل النسبي بالانتصار أمام بلد الوليد، لا تزال معنويات لاعبي برشلونة في حالة ترقبٍ، ليس فقط لإصابة غافي، بل للخروج من “الدوامة الدفاعية” التي عانى منها الفريق في الجولة الأخيرة، حيث استقبلت شباكه هدفًا مبكرًا وأُجبر الحارس أندريه تير شتيغن على تصدياتٍ حاسمةٍ. ويعول جمهور البلوجرانا على تماسك المجموعة التي أبدت قدرةً على العودة في مواقفٍ عدةٍ هذا الموسم، كما يعتمدون على خبرة فيران توريس وأنسو فاتي في إنهاء الفرص، بجانب قدرة لاعبي الارتداد السريع لردّ هجمات إنتر المضادة.
الساعة تتأهب للفيرفيزي
مع ساعاتٍ تفصل عن صافرة البداية في ميلانو، يشهد معسكر برشلونة اجتماعاتٍ مصغرةٍ لتحليل نقاط قوة الخصم الإيطالي، واستغلال أي هفوةٍ دفاعيةٍ في الخطوط الخلفية. ولن يتم الإعلان رسميًّا عن حالة غافي حتى ساعاتٍ قبل المباراة، في مسعىٍ من الجهاز الطبي لإبقاء بيئة “كامب نو” والمنصات الإعلامية في قوقعةٍ من التركيز الفني بعيدًا عن دوامة التكهنات. وعليه، يبقى التحدي مزدوجًا: حصد بطاقة العبور لنهائي “الأبطال” وإدارة الموارد البشرية والفنية للحفاظ على زخم الصدارة في الدوري قبل أربع جولاتٍ حاسمةٍ.