مع اقتراب فترة الانتقالات الصيفية في الدوري السعودي، شرع كبار الأندية في ترتيب أوراقهم مبكرًا، سعياً لتعزيز صفوفهم وضمان المنافسة على الألقاب في الموسم المقبل. وفي خضم هذا «الميركاتو» المبكر، برز موقفان لافتان: حارس الهلال محمد العويس الذي يمسك ببطاقته، وصراع الأهلي والاتحاد على أحد أبرز المواهب الصاعدة من نادي الاتفاق.
مفاوضات متعثرة بين الهلال والعويس
أنهى محمد العويس موسم 2024–2025 كأحد الأعمدة الرئيسية في تشكيلة الهلال، مسجلاً عديد التصديات الحاسمة في الدوري ودوري أبطال آسيا. ورغم انتهاء عقده رسميًّا في 30 يونيو 2025، قدمت الإدارة عرضًا لتمديده حتى صيف 2027، يتضمن تحسينات مالية ملحوظة وضمان دور أساسي في مباريات الفريق.
ومع ذلك، قرر العويس التمهل قبل اتخاذ قرار نهائي، حيث أكد لـ«الرياضية» أنه يتلقى عدة عروض من أندية أخرى، ويريد دراسة كل الخيارات بعناية. ويطمح الحارس المخضرم إلى حسم ملف مستقبله بناءً على ضمانات المشاركة وشروطه الشخصية، لا سيما بعد تجاوزه عامه الثلاثين وخبرته الطويلة التي جعلته مطلوبًا على مستوى القارة.
«أتفهم رغبة الهلال في بقاء القوام الأساسي للفريق، لكن عليّ التأكد من الاستقرار الفني والمالي قبل تمديد سنوات العقد»، هكذا صرح العويس مؤخرًا.
هذا التأجيل أربك إدارة الهلال التي عملت طوال الموسم على الحفاظ على استقرار الدفاع. ويبدو أن النادي الأزرق يسعى أيضًا لمفاوضة حارس مرمى بديل في حال فشل المفاوضات مع العويس، حفاظًا على مستوى الفريق في البطولات المحلية والقارية.
المواهب الشابة تشعل الصراع بين الأهلي والاتحاد
على الجانب الآخر، اجتذب محمد عبدالرحمن، ظهير أيمن نادي الاتفاق (22 عامًا)، الأنظار بفضل معدله المميز في التمرير ومرونته التي تؤهله للعب قلب دفاع وأيسر الظهير. جاءت عروض الدرعية –المنضم حديثًا إلى دوري يلو– لتعكس تزايد الاهتمام بمدافع الاتفاق الموسم المقبل، بينما لم يخفِ كل من الأهلي والاتحاد رغبتهما في الظفر بخدمات اللاعب.
وفقا لـ«الرياضية»، عرض الاتفاق بقاء لاعبه حتى 2028 مع شرط جزائي قدره 50 مليون ريال سعودي، وهي قيمة كبيرة نسبياً لمدافع شاب، لكنها تعكس الثقة بإمكاناته ومستقبله الواعد. ويبدو أن الاتحاد سبق الكبار في تقديم عرض مقارب، فيما يرشح الأهلاويون تقديم عرض مالي مغرٍ إضافة لإدراج لاعبين ضمن صفقة تبادلية.
يقول مصدر مقرّب من الاتحاد: «نحن نريد تعزيز الجبهات الدفاعية بوجه خاص، وعبدالرحمن يمتلك الطموح والقدرة على التطور داخل منظومة المدرب الجديد».
في المقابل، يراهن الأهلي على حجج عدة؛ أبرزها تاريخ الاتفاق الطويل وإمكانية احتضان ملعب الأمير محمد بن فهد القريب نسبيًّا من جدة لتعزيز حركة الجماهير. ويعتقد مسؤولو الراقي أن ضم لاعب شاب قادر على التطور قد يسهم في بناء مشروع طويل الأمد.
خلفيات السوق السعودي المبكر
لم يعد سرًّا أن الأندية السعودية تتجه إلى «الميركاتو» مبكرًا بعد الدعم المالي الكبير من المستثمرين الجدد وانسجام اللاعبين الأجانب مع فرقهم، الأمر الذي دفعها إلى تأمين صفقات صيفية قبل انتهاء المواسم. وقد شهد الموسم الحالي صفقات قياسية للمهاجمين والأطقم الفنية، فيما احتفظت فرق اليونايتد بمراكز الصدارة رغم رحيل نجوم.
ويعول جمهور الأندية الكبرى على حسم الصفقات قبل فترة الإعداد، لتفادي تذبذب الأداء الذي رافق بعض الفرق العام المنصرم. وعلى الرغم من أن الموسم الحالي لم ينتهِ بعد، إلا أن الأرقام والإحصائيات باتت كافية لتقييم احتياجات كل نادٍ.
تأثير الصفقات الكبرى على المنافسة
إذا نجح الهلال في إعادة العويس أو استقدام بديل بقيمة فنية عالية، فسيعزز موقفه في المنافسة على بطولتي الدوري وكأس الملك. فيما سيشكل ضم محمد عبدالرحمن إضافة نوعية للأهلي أو الاتحاد، لا سيما في ظل التركيز المتزايد على تنويع الخيارات الدفاعية وتدعيم العمق بدماء شبابية.
وفي حال فشل أحد الكبار في حسم التعاقد مع الظهير الشاب، فقد يفتح الاتفاق الباب للتفاوض مع أندية أخرى، ما يزيد من قيمة اللاعب وقد يرفع المطلب المادي أو يضمن شروطًا جزائية أعلى.
آفاق الموسم المقبل
مع اقتراب مواعيد الاستحقاقات الأفريقية ومحافظات المنافسة الداخلية، لا يبدو أن «موسم الصفقات» سيتوقف عند حارس مرمى أو ظهير شاب. فكل نادٍ يسعى للهيمنة على قمة البطولة، والنجاح يبدأ من الخلف بمتانة الدفاع وتفوق الحارس. ويستعد الأنصار لمتابعة جولات حماسية، حيث تتراوح توجهات الأندية بين الحفاظ على القيادات الحالية واستقطاب المواهب الشابة.
في نهاية المطاف، يتحول الملف السعودي الصيفي إلى ميدان صراع اقتصاديات الكرة وتأثيراتها الفنية. ويُنتظر أن تُكشف خيوط هذا المسلسل مع انطلاق أولى تدريبات الأندية، لكن المؤكد أن التنافس لن يقتصر على الملاعب فقط، بل يمتد إلى ساحات التفاوض وصياغة العقود المستقبلية.
