سقط الهلال في فخ التعادل الإيجابي 1-1 أمام الوحدة، في الجولة الـ33 من دوري روشن السعودي للمحترفين، محققًا نتيجة باتت أكثر ما تعبّر عن “مرحلة الفشل” التي يعيشها الفريق تحت قيادة المدرب الشاب محمد الشلهوب. المباراة، التي جرت على ملعب “الأمير فيصل بن فهد” بالشراعية، شهدت قرارات فنية غريبة، أزمة مهاجمٍ اعتزل اللعب عرضيًّا، ورغبة متصاعدةٍ لدى الجماهير في التخلي عن بعض نجوم الزعيم.
طرد البليهي و”مجازفة فاشلة” عند الدقيقة 66
المفاجأة الأبرز جاءت بإشراك علي البليهي أساسيًّا للمباراة الثانية تواليًا، رغم إهدار الفريق أربعة أهداف في الجولتين الماضيتين أمام الفتح (1-3) والعروبة (0-4). وكان واضحًا من الدقائق الأولى أن سيرورة البليهي الدفاعية باتت “هشةً”، فاستغل الوحدة تمركزه السيئ لتسجيل هدفٍ مبكرٍ من هجمةٍ مرتدةٍ قادها ديديه كاريكا (12’).
وعندما شعر الشلهوب بأن المباراة تأخذ منحىً سلبيًّا، أقدم على تبديلٍ غريبٍ بإخراج البليهي وإسناد مركز قلب الدفاع إلى الوافد الجديد حسان تمبكتي (66’)—بدلًا من القائد ياسر الشهراني أو الاستعانة بخيارٍ أكثر ثباتًا مثل كانسيلو. وفي هذه اللحظة أطلق جمهور الهلال صافرات الاستهجان في وجه البليهي، مُظهرين استياءهم من وضع المدافع الأساس في “مستشفى الهلال” لصفاتٍ اعتبروها تكتيكيةً وليست شخصيةً.
أرقامٌ قاتمةٌ تهزّ ثقة الفريق
في آخر أربع مبارياتٍ تحت قيادة الشلهوب، استقبل الهلال 7 أهدافٍ، وجمع نقطةً واحدةً فقط. هذه الإحصائية لا تكتفي بإدانة الأداء الدفاعي المتراجع، بل تكشف عن أزمةٍ تنظيميةٍ في نقل الأدوار بين خطي الدفاع والوسط. وقد باتت معاناة الهلال في المباريات “الكبيرة” أمرًا متكررًا، فبعد خسارته الأخيرة في نهائي كأس الملك، لم يستطع تحقيق الفوز على فريقٍ من مراكز الدوري المتوسطة في الجولات الأربعة الماضية.
شهلوب.. متى يقدّر حجم المهمة؟
بعد المباريات المتخبطة، أبدى الشلهوب رغبتهُ بالبقاء مدربًا للهلال في كأس العالم للأندية، قائلًا عقب التعادل مع الوحدة:
“أنا أثق في إمكانات الفريق وسنعمل على تصحيح المسار قبل المغادرة إلى أمريكا”.
لكن دلائل الواقع تقول إن الشلهوب ما زال بعيدًا عن القيادة التكتيكية المطلوبة، وأن عليه الاعتراف بأن حلمه بقيادة الزعيم في كأس العالم للأندية بات بحاجةٍ إلى مدربٍ أجنبيٍّ أكثر خبرةً، يتعامل مع ضغوط “الأبطال” ومعادلة الدفع بالمزيج الأمثل بين المواهب الشابة والنجوم المخضرمين.
إيجالو.. “اعتزال” تحت الأضواء
تمثل النجم النيجيري أوديون إيجالو، الذي انتقل إلى الوحدة هذا الموسم بعد نهاية عقده مع الهلال، حالةً فريدةً من أزمة الثقة. أمام فريقه السابق، بدا إيجالو وكأنه “يلعب مباراة اعتزاله”، دون أن يشكل أي تهديدٍ هجوميٍّ حقيقيٍّ على مرمى الزعيم. وهذا ما دفع جماهير الهلال لاتّهامه بـ”الضعف البدني” و”نسيان واجباته التاريخية” التي سجلها مع الزعيم، في تأكيدٍ على أن الحبّ يزول أمام الأداء المتراجع.
مالكوم… “وافق على الرحيل أم لا”؟
صراخ الجماهير “إذا أردت الرحيل فلتفعل!” تردّده مدرجات الهلال كلما ظهر مالكوم معرضًا اعتراضه على التبديل أمام الوحدة. النجم البرازيلي، الذي تأثر بصورةٍ واضحةٍ برحيل مواطنه نيمار دا سيلفا، قدّم أداءً متأثرًا نفسيًّا وتراجعَت مساهماته الهجومية والتمريرية إلى حدٍّ أقلّ من المتوسط. وعندما دفعه الشلهوب احتياطيًّا (72’)، كان رده بـ”تمتمةٍ خاطفةٍ” على قرار المدرب، ما زاد من غضب الجمهور الذي دفعه للتنديد به بوابلٍ من صافرات الاستهجان.
نظرةٌ إلى المستقبل.. “الإصلاح أو الرحيل”
يتبقى للهلال مباراةٌ أخيرةٌ في الدوري أمام الشباب يوم الأحد المقبل في ختام المسابقة. وبعد هذا التعادل المثير للقلق، بات لزامًا على إدارة النادي التحرك سريعًا نحو:
1. التعاقد مع مدربٍ أجنبيٍّ متمكّنٍ، يملك سجلَّ خبراتٍ في التعامل مع نجوم من عيار الهلال وخصوصًا في البطولات القارية.
2. إعادة تقييم المراكز الدفاعية، ووقف “مستشفى البدلاء” عبر إنهاء تجربة لاعبينٍ أظهروا تراجعًا متواصلًا مثل البليهي وتمكين تمبكتي من التثبيت.
3. دعم الخطوط الأمامية بالشباب والصوت البدني، لعدم الإتيان بمهاجمين “اعتزالين” أو جناحين تأثروا نفسيًا بإقصاء نيمار أو تراجع أدائهم.
في النهاية، إذا لم تتغيّر ديناميكية الهلال داخل وخارج أرضية الملعب قبل كأس العالم للأندية، فإن التعثر أمام فريقٍ مثل الوحدة سيكون النهاية الطبيعية لحلمٍ قدّر بالتوهّج سريعًا في بداية الموسم، لكنه فشل في اقتناص العناوين الأساسية. والأهم من كل ذلك، أن الجماهير البرتقالية التي دفعت ثمن المشجع في كافة الأوقات، لن تصمت حين يشاهد زعيمها يتحول إلى مجرد “مضيفٍ” متواضعٍ في سباق الأندية الكبيرة.
