
في لقطةٍ كرويةٍ فريدةٍ أشعلت مواقع التواصل، خطف النجم المصري محمد صلاح الأنظار بتهنئته الذكية لمدرب توتنهام الأسترالي أنجي بوستيكوجلو بعد تتويج “السبيرز” بلقب الدوري الأوروبي للمرة الأولى منذ 17 عامًا. التغريدة التي كتبها صلاح على حسابه الرسمي في منصة “X” لم تكن مجرد عبارةٍ عابرة، بل ضربت “نُكتةً” مدروسةً للخروج عن رتابة ردود الفعل التقليدية في عالم كرة القدم.
مباراة أسطورية تُنهي صيام المجد
على ملعب “سان ماميس” في مدينة بيلباو الإسبانية، انتزع توتنهام فوزًا صعبًا للغاية بنتيجة 1-0 على مانشستر يونايتد، ليُتوَّج بلقب الدوري الأوروبي في موسمه الأول مع بوستيكوجلو. هدف المباراة الوحيد سجّله نجمه ثانيسيو مستفيدًا من ارتباك دفاع “الشياطين الحُمر” في الدقيقة 55، وسط حسرة عميقة في قلوب الجماهير الإنجليزية التي ظلت تنتظر أول ألقاب الفريق منذ كأس رابطة الأندية المحلية عام 2008.
هذا الإنجاز العظيم يفتح أبواب دوري أبطال أوروبا أمام “السبيرز” الموسم المقبل، بعدما ضمن استحقاقًا مقعده في النسخة القادمة، ويرتقي الفريق إلى مصاف الستة عشر الأوائل في أكثر البطولات القارية نفوذًا وجماهيرية.
تغريدة صلاح تزلزل شبكات التواصل
لم تمر 24 ساعة على صافرة النهاية، حتى غرّد محمد صلاح برسالةٍ قصيرةٍ لكنها مدوية:
“لقد قال إنه سيفوز في موسمه الثاني… تهانينا أنجي!”
تلك الكلمات الأربع حملت في طياتها تذكيرًا صريحًا لتصريح سابقٍ لبوستيكوجلو، الذي صرح قبل انطلاق موسمه الأول مع توتنهام بأن «الموسم الأول يمهّد الأسس، والموسم الثاني يجني الثمار». وكان الألم والتشكيك قد لفّهما أرجاء لندن حين تولى المدرب الأسترالي المهمة خلفًا لآرون سوانزي، وطالت الانتقادات خططه التكتيكية وقراره بالالتزام بمنهجية “اللعب الهجومي العالي”.
ذكاء كروي في سطرٍ واحدٍ

اختيار صلاح لهذه الصيغة بدا أكثر من تهنئة؛ فقد عبّر عن إعجابه بحكمة بوستيكوجلو ومصداقيته، كما أرى رمزًا للتحدي والتحفيز. وجاءت التغريدة قبل ركلة البداية الرسمية في ديربي شمال لندن بين توتنهام وأرسنال ضمن الدوري الإنجليزي الممتاز، لتضيف مزيدًا من الإثارة للصراع المحلي.
وتفاعل آلاف المشجعين الإنجليز والعرب مع تغريدة “مو”، لا سيما مشجعي ليفربول الذين انتقلوا للتهنئة بالإنجاز الإنجليزي، رغم فشل صلاح في رفع أي لقبٍ قاريٍ مع الريدز هذا الموسم، إذ اكتفى بتتويج الدوري الإنجليزي الممتاز بعد طول انتظار 4 سنوات، وودّع دوري أبطال أوروبا من الدور ثمن النهائي على يد باريس سان جيرمان.
التتويج الأوروبي جرس إنذار لمانشستر يونايتد
الهزيمة في نهائي الدوري الأوروبي أمام جارٍ محليٍّ عززت قناعة جماهير مانشستر يونايتد بعمق الأزمة الفنية التي يعانونها، بعد عجز الفريق عن تلبية طموحاته الأوروبية ومحليًا. وعلى الرغم من قوة تشكيلة “الشياطين الحمر” بقيادة المدرب إريك تن هاج، فإن الروح المعنوية تبدو مهتزةً بعد موسمٍ بلا ألقابٍ مجديةٍ، في حين نجح بوستيكوجلو في تحويل “الحلم” إلى واقعٍ ملموسٍ بأقل من عامين.
مشوار بوستيكوجلو الاستثنائي

عاد بوستيكوجلو ليذكر الجميع بقدرته على الإتيان بحزمٍ تكتيكيٍّ جديدٍ إلى “وايت هارت لاين”، بدءًا من تطبيق نظام 3-4-3 بجرأة، وصولًا إلى الدمج بين الشباب المخضرم، وحمل على عاتقه مهمة تفعيل قدرات الجناحين الثنائيين: ريتشارليسون وجيوفاني لوسيلسو. والآن، يلحق إنجاز الدوري الأوروبي ببطولتي كأس رابطة الأندية المحلية وكأس الاتحاد الإنجليزي، ليكون “الموسم الذهبي” الفاتح لحقبة جديدة تحت قيادة الأسترالي.
ما التالي؟ تحديات في دوري الأبطال والدوري الإنجليزي
حصد اللقب الأوروبي يمنح توتنهام دفعةً هائلةً قبل دخوله تحديات دوري أبطال أوروبا، حيث سينضم إلى فرقٍ عريقةٍ مثل ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر سيتي. وسيكون على بوستيكوجلو اختبار قوته على مستوىٍ أعلى، خصوصًا في مواجهة أنديةٍ تمتلك خبرةً طويلةً في معترك الأبطال.
أما في المسابقة المحلية، فيسعى “السبيرز” لتحقيق مراكزٍ متقدمةٍ نحو المربع الذهبي لمواصلة المشاركة القارية، غداة احتلاله المركز السابع الموسم الماضي. كما أن استمرار الدعم الجماهيري والإداري يعود من جديد للشعار الذي رفعه اللاعبون: “الأحلام الكبيرة تبدأ دومًا بالعزيمة”.
خاتمة: لحظةُ صلاح التاريخية
بين رشفةٍ من تهانى صلاح الذكية وزغاريد جماهير توتنهام في بيلباو، تتجسد اليوم قيم الانضباط والإيمان بالمشاريع الكروية الكبيرة. وقد أثبت هذا السباق الأوروبي أن الصبر والتخطيط قد يثمران في الوقت المناسب: موسمان ونصف من البناء التكتيكي، ينظّمهما مدربٌ أصرّ على وعده، ويؤمن به حتى تحقيقه. وعندما تلتقي الأحلام الواقعية مع السطور القصيرة المحشوة بالمهنية، تكون لديك أجمل الذكريات في عالم كرة القدم.