
في مشهدٍ استثنائي أثار ارتباك الصحافة والجماهير على حد سواء، صَعّد الدولي الإنجليزي السابق وجار التحليل الأخّاذ، جيمي كاراجر، موقفه تجاه مقال مدح موسّع نشره الصحفي كيران موريس في صحيفة “الجارديان” البريطانية. فبدلاً من الاكتفاء بالثناء على إنجازاته كمدافع متألق وصاحب رأيٍ لا يهاب، اقتنص كاراجر العبارة الوحيدة التي شابت سطور الكاتب، والبالغة السخرية من بداياته، لتحول النقاش إلى معركةٍ ساخنة على منصات التواصل.
ما الذي دار بين السطور؟
أطلق موريس عنوان مقالٍ طاغٍ على المديح: “بصوتٍ عالٍ وأسلوبٍ ساخر لا يُصدّق: كيف سيطر جيمي كاراجر على تحليل كرة القدم؟” وذلك في تحفةٍ استعرضت أكثر من 7000 كلمة من تفاصيل مسيرة كاراجر المهنية وصوته الفريد في استوديوهات النقل التلفزيوني. لكن وسط حمّى الثناء الذي تناول قدراته القيادية في قلب دفاع ليفربول، ونجاحه في التحول إلى محللٍ لا يخطئ في قراءة المباريات، ألمح الكاتب في فقرةٍ وحيدة إلى أن “كاراجر كان يوماً ما لاعباً باهتاً لعملاقٍ قلّما يلمع”.
العبارة التي أثارت العاصفة

على الرغم من مرور سنواتٍ على اعتزاله في 2013 بعد 17 موسماً مع “الحُمر”، بقيت تلك الجملة حاضرة في ذهن مدافعنا السابق. وقد أعاد كاراجر نشر تغريدة موريس على حسابه في “إكس” (تويتر سابقاً)، مصحوبةً بوجوهٍ معبرة عن الاستياء المعتدل ، مع تعليقٍ بسيط شكره فيه الصحفي على المقال. لكن في الوقت نفسه، بدا واضحاً أن نائب يورغن كلوب في قلب الدفاع لم يغفر الاستهزاء الأولي ببداياته.
كيف تحوّلت المبادرة إلى ردّ فعل عنيف؟
بعد ساعاتٍ من إعادة التغريد، اجتاحت منصات التواصل قصاصاتٌ من المقال الأصلي محمولةً بتعليقاتٍ ساخرة من جمهور ليفربول وجماهير كرة القدم عامةً.
• البعض اعتبر أن “الأسطورة فقط هي من يملك جرأة اقتناص كلمة سلبية وسط آلاف من الكلمات الإيجابية”.
• آخرون رأوا أن “كاراجر يضغط كبطلٍ لا يقبل شائبة في سيرته، صفرٌ من الأخطاء حتى في الطفولة”.
• وبعض المحللين شَبّهوا الموقف بأن “كاراجر أراد التنبيه إلى ضرورة الدقة في المدح والذم على حدٍ سواء”.
لقطاتٌ من مسيرة لا تُنسى
لنتذكر معاً بعض المحطات التي تجعل من كاراجر رمزاً لا يُطاله النسيان:
• 177 مباراة دولية مع منتخب إنجلترا بين 1996 و2007، شارك في كأس العالم 1998 ويورو 2000، دون أن يكلّ أو يملّ.
• 737 مباراة رسمية بقميص ليفربول، سجل خلالها 4 أهداف حاسمة، وبرع في قيادة الجبهة الخلفية لموسم الانتصارات التاريخي “Treble” عام 2001.
• 15 لقبا مع النادي الإنجليزي، بينها دوري أبطال أوروبا 2005 وكأس الاتحاد الأوروبي 2001، إضافةً إلى سبعة ألقاب في الدوري المحلي.
تحولٌ إلى نقّادٍ لا يُخطئون

عقب الاعتزال، انتقلت عبقريته الدفاعية إلى الشاشة، حيث صار العمود الفقري في تحليل المباريات عبر برامج “سكاي سبورتس” و“بي إن سبورتس” و“ITV”. لم يترك زاوية في التشكيلة أو تكتيكٍ يكشف عنه أسراره العميقة، حتى أصبح يُلقَّب بـ”المعلِّم الأخضر” لدى مواصلة الزملاء في التعلم من رؤيته القتالية.
هل نجح في تشتيت الانتباه عن المقال؟
رغم احتدام الجدل، لا يمكن إنكار أن نقاط القوة في المقال تُظلل الجزء السلبي. فقد كتب موريس عن:
• جرأة كاراجر في فضح أخطاء الحكام، حتى بات حافظة أسرار تقنية الفيديو المساعد VAR.
• شخصيته الجذابة في الاستوديو، بين السخرية الدقيقة والملاحظات التحليلية العميقة.
• تأثيره على جيلٍ جديد من المدافعين الإنجليز، الذين ينظرون إليه كقدوة في الكاريزما وروح التحدي.
نهاية مفتوحة على فصولٍ قادمة
من الواضح أن المعركة بين خفة الروح وسحر التحليل أمام الكاميرات وبين حساسية “الأسطورة” لم تقتصر على مقالٍ وحيد. فقد أشعل كاراجر فتيل نقاشٍ يعيد إلى الواجهة تساؤلات حول حدود المديح وأسلوب النقد في الرياضة. في انتظار كلمة الصحفي كيران موريس أو توضيحٍ إضافي من “جيرو دبي” السابق، سيبقى اسم جيمي كاراجر يتردد في دوائر الإعلام والصحافة الرياضية، ليس فقط كمدافعٍ لا يُشق له غبار، بل كمتحكمٍ رفيع المستوى في صناعة الخبرة التحليلية والرّدة الفعلية على تدوين المديح والذم على حدٍّ سواء.