
بعد مسيرةٍ حافلةٍ مع مانشستر سيتي، حان وقتُ القائد البلجيكي كيفين دي بروين ليودّع ملعب “الاتحاد” تحت أنظار الجيل الذهبي من أساطير النادي، لكن ما حدث خلف الكواليس أثار ضجّةً بين الجماهير والصحافة، خاصةً بعدما علّق المدرب بيب جوارديولا على “الإطلالة الكارثية” لزميلهم الجزائري رياض محرز، فما كان من الأخير إلا أن يردّ بأقوى من أي نصٍّ مكتوبٍ!
لحظة حنينٍ وأخرى فكاهية
تغلّبت مشاعرُ الوفاءِ على كواليس وداع دي بروين في مباراة بورنموث (3-1)، التي شهدت مشاركةً خاصةً لعددٍ من لاعبي السيتي السابقين: فينسنت كومباني، رحيم سترلينج، لروي ساني، بابلو زاباليتا وجو هارت. بعد صافرة النهاية، عرض النادي مقطع فيديو يوثّق لحظاتِ اللقاء، وتخلّلها إعلان جوارديولا عن إعجابه بوجود النجوم ودعمهم للقائد المغادر، قبل أن يوجّه ضربةً خفيفةً لرياض محرز:
“سعيدٌ برؤية الجميع… حتى رياض محرز، رغم أنّ هذه الإطلالة كانت كارثية!”
تلقّى هذا التعليق صدى واسعًا على منصّات التواصل، حيث تندر البعض من كلمة “كارثية” في حق لاعب منحهم الكثير من الأمجاد الأوروبية والمحلية طيلة خمسة مواسمٍ قضاها مع “السيتي غراوند”.
محرز يردّ بـ “يا لهذا الرجل!”
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى أعاد محرز نشر تغريدة جوارديولا على حسابه في “تويتر” (X حاليًا)، مصاحبًا إياها بتعليقٍ مقتضبٍ:
“يا لهذا الرجل”

هذه العبارة البسيطة، برمزيات ضاحكةٍ، أعادت طرح نقاشٍ شائعٍ حول علاقة محرز بالمدرب الإسباني؛ علاقةٍ جمعت بينهم لحظات تألّقٍ ودفقت خلالها الأهدافُ والتمريراتُ الحاسمة، فتصدّر محرز لائحة صُناع اللعب في البريميرليغ برصيدٍ لامس الـ 100 تمريرةٍ في المواسم الثلاثة الماضية، قبل انتقاله لأهلي جدة في يناير 2024.
أرقامٌ لا تكذب… موسمٌ استثنائيٌّ مع الأهلي
لم تمضِ سوى أيامٍ على الإعلان عن رحيل محرز عن “مانشستر سيتي”، قبل أن يخوض تجربةً آسيويةً منقطعة النظير مع أهلي جدة السعودي، حيث سطر أرقامًا فريدةً:
• 44 مباراةً شارك فيها بكافة البطولات.
• 17 هدفًا أحرزه، ما يعادل هدفًا كل 2.6 مباراة.
• 19 تمريرةً حاسمةً صُنعها لزملائه، سقفه التمريري في موسمٍ واحدٍ.
• تتويجٌ تاريخيٌّ بكأس دوري أبطال آسيا للمرة الأولى في تاريخ النادي.
هذه الإنجازات أكسبت محرز صفة “ملك التمريرات” في آسيا، كما زادت من رصيد قيمته الفنية والتسويقية، وهو ما جعل رده على سخرية جوارديولا محلّ ترحيبٍ كبيرٍ من جماهير الأهلي، التي ترى فيه قائدًا أفنى عمره لإشباع طموحاتهم.
المفارقة بين “الإطلالة” و”الأداء”

بالرغم من وصف “إطلالة كارثية” في لحظةٍ صادقةٍ ضمن تصريحٍ مزاحيٍّ، فإن الكثيرين استعادوا مشاهد محرز وهو يركض على جناحَي ملعب الاتحاد، يضغط على الخصم ويفتح المساحات بأعينٍ لا تخطئ هدفًا. يقول الإعلامي الإنجليزي بيتر دروري عبر “بي بي سي” تعليقًا على الحادثة:
“كل لاعبٍ لديه يومٌ يخيب فيه مظهره… لكنك تحافظ على الروح القتالية، وهذا ما يميّز محرز!”
وبعد أن كان حضور محرز “كذلك صورةً” في وداع دي بروين، تحوّل إلى عنوانٍ للأخبار بفضل سطورٍ مختصرةٍ عبر الإنترنت.
ختامٌ وجدانيٌّ بين السرعة والخفة
انتهت مبارياتُ السيتيغراوند التقليدية، وبدأت مغامرة محرز الجديدة في “خليج الدار” السعودي، لكن روح السخرية والمحبة المتبادلة بينه وبين جوارديولا ستبقى تروى في أروقة “آنفيلد” الإسباني والملعب السعودي على حدٍّ سواء. إذ عرَضت الضربة الفكاهية التي أطلقها المدرب الأسلوبَ الإنسانيَّ خلف الكواليس، والتقاطته ردّة فعل محرز أبرزت طبيعة العلاقة بين القائد واللاعب: علاقةٌ قائمةٌ على الاحترام والحبّ المتبادل.