جوارديولا عاجز ومرموش تائه وهالاند غائب والسومة يغيب والوداد يفرض تحديا جديدا

جوارديولا عاجز ومرموش تائه وهالاند غائب والسومة يغيب والوداد يفرض تحديا جديدا

استهلّ مانشستر سيتي مشواره في كأس العالم للأندية 2025 بفوزٍ مهم بهدفين دون مقابل على حساب الوداد الرياضي المغربي مساء الأربعاء على ملعب “لينكون فاينانشال فيلد” بمدينة ميامي الأمريكية ولعل ما شهدته المباراة من مفاجآت عديدة على مستوى نجوم الفريقين يصنّفها كواحدة من أبرز مفاجآت البطولة التي يخوضها بطل أوروبا ضمن منافسات المجموعة السابعة برفقة يوفنتوس والعين الإماراتي.

من الطفرة المنتظرة إلى الصمت التام

قبل انطلاق اللقاء تحدّثت وسائل الإعلام عن ثلاث أسماء تأمل الجماهير في تألقها وتسجيل بصمتها على أول مواجهة رسمية في المونديال العالمي؛ وهم، عن الجهة السماوية، المصري عمر مرموش والنرويجي إرلينج هالاند، وعن الجهة المغربية، السوري عمر السومة الوافد الجديد إلى صفوف الوداد. لكن ما حدث على أرض الملعب خالف كل التوقعات التي طالت هؤلاء النجوم.

عمر مرموش دخل أساسياً في تشكيلة بيب جوارديولا لكنه بدا تائهاً بين الخطوط وأهدر أكثر من فرصة لاغتنام المساحات التي وفّرها دفاع الوداد المتأهب. لم ينجح اللاعب ذو الخبرة في الدوري الإنجليزي في فك شفرة التعزيز الدفاعي للخصم وإنهاء أي فرصة حاسمة على مدار أكثر من ستين دقيقةٍ لعبها بشهادة بعض المحللين الرياضيين. وبالعودة إلى مسيرته مع الفريق السماوي فإن مرموش قارن في هذه المباراة بأسلوبه مع مصر أمام الفرق العربية، حيث كان يُحسن المتابعة وصناعة الفرص، لكنه لم يتمكّن من تسجيل الكرة ولا حتى من صناعة فرصة حقيقية.

النجم النرويجي إرلينج هالاند لم يُشارك بصفةٍ أساسية ووجد نفسه على مقاعد البدلاء إلى أن استدعاه المدرب في الدقيقة 68 ليشارك بديلاً، لكنه لم يتمكن في الدقائق المتبقية من تغيير مجرى المباراة أو تشكيل خطورة حقيقية على دفاع الوداد. ولعل المفاجأة الأكبر جاءت من غياب عمر السومة عن قائمة الوداد التي تواجه فريقه الأول المُلقب بـ “معذب العرب”، وهو اللقب الذي ارتبط سابقاً بمرموش أمام منتخبات عربية، فتجنّب السوري بهذا الغياب موقف الوداد الحرج أمام كتيبة المدرب الألماني كارل هاينز رور.

في المقابل سارعت أقدام فيل فودين إلى هز الشباك مبكراً في الدقيقة الثانية عبر تسديدة أرضية ذكية من داخل المنطقة لتؤشر على أولوية السيتي في إدارة اللقاء رغم حرارة الأجواء ورطوبة ملعب ميامي. ولم ينتهِ الفرح السماوي عند ذلك الحد بل جاء الهدف الثاني في الدقيقة 42 عبر الجناح الفرنسي جيريمي دوكو الذي استغلّ تمريرةٌ مرفوعة من زميله كيفن دي بروين ليرتقي برأسه ويضع الكرة في المقص الأيسر للحارس بدر بنون.

تحليلات فنية لرؤية مختلفة

أجمع المحللون الفنيون على أن مفتاح الانتصار يعود إلى التنظيم التكتيكي الذي فرضه جوارديولا منذ صافرة البداية، إذ وزّع لاعبيه على شكل 4-3-3 مرن، يمنح الأجنحة حرية التقدم والتحول الدفاعي السريع. وشهدت السيطرة العددية في وسط الملعب تفوق لاعبي السيتي الذين نجحوا في قطع أكثر من 65% من تمريرات الوداد وتقليص أوقات الاحتفاظ بالكرة للفريق المغربي إلى أقل من 20 ثانية في معظم الحالات.

ورغم غياب الثلاثي المنتظر إلا أن الفريق استفاد من الحضور الجماعي الذي أتاح الفرصة لظهور أسماء شابة وقادرة على صناعة الفارق. فقد برز حارس المرمى المتألق إيدرسون الذي تصدى لركلة حرة مباشرة من خارج منطقة الجزاء قبل أن يساهم في بناء الهجمة التي أوصلت الكرة إلى هدف الدوكو الثاني. كذلك أعاد الفرنسي روكاس بيريز الحيوية إلى الجهة اليمنى للسيتي بتحركاته الذكية وقدرته على استلام الكرات في المساحات الضيقة.

بيان جوارديولا وتصحيح المسار

في المؤتمر الصحفي بعد المباراة أدلى بيب جوارديولا بتصريحاتٍ اعتبرها البعض اعتذاراً غير مباشر عن مستوى بعض نجومه، فقال إن “الطقس الحار والرطوبة كانت صعبة على الجميع وليس على اللاعبين الجدد فقط”، موضحاً أن “مرموش وهالاند يحتاجان للوقت أكثر للتأقلم مع خطة اللعب الجديدة وللانسجام مع التغييرات التي طرأت على صفوف الفريق بعد نهاية الموسم الأوروبي”. كما نوّه المدرب إلى أن جزءاً من خطة الاستعداد للمونديال يتضمن إراحة بعض العناصر الرئيسية في المواجهات الثقلية حتى تكون جاهزة للمراحل المتقدمة.

ردود فعل الجماهير والاعلام

لم تُغب ردود الأفعال الجماهيرية عن مواقع التواصل الاجتماعي، فقد سيطر هاشتاج #مرموش_المتوهج_يتعثر على تويتر في السعودية ومصر، بينما اكتفى بعض أنصار السيتي بتهنئة نجومهم على أول ثلاث نقاط وغردوا بعبارة “فودين ودوكو من نسجوا الفرح في ميامي”. أما في المغرب فبثّت الصحف المحلية رسائل دعم للفريق رغم الخسارة وأشادت بالروح القتالية للاعبي الوداد الذين شكلوا صدمة مبكرة للسيتزنز قبل الهدف الثاني.

من جانب آخر أثارت تغطيات “جول العربية” جدلاً واسعا حول ما إذا كان غياب عمر السومة مفيداً للوداد أم أنه منع استثمار خبرته في مواجهة معذب العرب. واختلفت الآراء بين من رأى أن اختفاء “الهداف السوري” منح الفريق المغربي حافزاً للقتال بروحٍ جماعية، وبين من شعر أن السومة كان قادراً على زعزعة دفاع السيتي بفضل قوته وقدرته على استغلال الكرات العرضية.

تداعيات مشتركة وخطوات قادمة

مع فشل جوارديولا في ضخّ دماءٍ جديدة مُنتظرة في لقاء الافتتاح، يتعيّن على الجهاز الفني البحث عن فرصٍ لإشراك مرموش وهالاند في مباراة العين الإماراتي المقبلة أو منح الثنائي دقائق احتكاك أكثر في التدريبات. وفي المقابل قد يفكر المدرب في إعادة ترتيب الخيارات الهجومية وربما استخدام ثنائية دوكو وفودين كأساس للاستمرار في ضبط الأداء الهجومي دون الاعتماد على عناصر لم يظهر منها جديد.

أما الوداد، فسيحاول مواجهة يوفنتوس الإيطالي في الجولة الثانية بنفس الروح القتالية التي قدمها أمام السيتزنز مع التركيز على استغلال القوة العالية لخط الهجوم دون خوف من مفاجآت الخصم. وقد تكون تجربة غياب عمر السومة فرصة لتقييم خيارات أخرى في قائمة الفريق أو لدفعه لحجز مكانه بقوة في تشكيلة المدرب كارل هاينز.

كلمة أخيرة

إذا ما كشف الواقع أن “جوارديولا لا يمتلك عصا ساحرة” أمام تحديات الغيابات والانتقالات الجديدة، فإن قصة هذا اللقاء تعبر عن قدرة القمة الإنجليزية على توزيع المواهب والصمود أمام الأجواء الصعبة باستغلال بدائل قادرة على صناعة الفارق، لكنها تفتح باب التساؤل حول مصير لاعبين كبار مثل مرموش وهالاند المتعطشين لتسجيل بصماتهم في مواجهةٍ تاريخية. وفي آنٍ واحد تُثبت هذه المواجهة أن كرة القدم في كأس العالم للأندية لا تقبل التوقعات الكبيرة بلا أدلة ميدانية، وأن المتنافسين يعيشون رحلة بقاءٍ للأصلح من دون رحمة.